تعليقات على قانون حقوق الصحفيين
د.ضياء عبدالله الجابر الاسدي
جامعة كربلاء/ كلية القانون
تأكيداً لما جاءت بها النصوص الدستورية من كفالة الدولة لحق التعبير عن الرأي وبكل الوسائل،وكفالة حرية الصحافة والطباعة والإعلان والنشر صدر قانون حماية الصحفيين وتمت المصادقة عليه من قبل رئيس الجمهورية،وهو الآن بانتظار المرحلة الأخير للنفاذ إلا وهي النشر في الجريدة الرسمية(جريدة الوقائع العراقية)،كما نصت على ذلك المادة(19) منه،وصدور هذا القانون والمصادقة عليه خطوة إيجابية في تعزيز حقوق الصحفيين ودعم مسيرة الصحافة في العراق ،فهو يعد لبنة أساسية من لبنات بناء المجتمع الديمقراطي،كون حرية الصحافة وسيلة من وسائل التعبير عن حرية الرأي في المجتمع،والتي لابد من الاعتراف بها للجميع وحمايتها في ظل الأحكام القانونية التي تنظم تلك الحرية ،والتي لا يمكن أن تظهر للناس إلا من خلال صور متعددة مصداقها الحقيقي والرئيس حرية الصحافة والصحفيين.
أن هذا القانون وأن حمل تسمية (قانون حقوق الصحفيين) كونه يهدف إلى توفير الحماية اللازمة للصحفيين،وتعزيز حقوقهم، وأن كانت جل نصوصه وأحكامه تؤكد على الحقوق وبشكل بارز وملفت للنظر،إلا أنه لا يخلو من التزامات تقع على عاتق المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها،من (الصحفيين)،وأن لم يكن مجالها القانون ذاته بشكل واضح وصريح ومفصلا،وهذا ما يقتضيه العقل والمنطق ،ففي الغالب كل حق يقابله التزام،كما أن الحقوق ليست مطلقة تمارس من قبل أصحابها بدون قيد أو شرط ، فالحقوق تمارس في أطار القانون الذي نظمها وكفل ممارستها،ومراعاة لحقوق الغير التي لا يمكن المساس بها دون مبرر قانوني ،فهناك نصوص أشارت إليها القوانين الأخرى كقانون المطبوعات رقم (206) لسنة 1968 المعدل،وقانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969المعدل،والتي تعد التزامات أو قيود ترد على عمل المؤسسة الإعلامية أو الإعلامي أو الصحفي والذي عليه الالتزام بها عند ممارسة عمله الصحفي،كالمصداقية في نقل الأخبار ونشرها والموضوعية والحياد في الطرح والكتابة،والالتزام بأحكام السرية التي يقررها القانون،والابتعاد عن الأفعال التي تشكل سباً أو قذفاً للأشخاص من غير دليل واضح،والتعرض للحياة العائلية والأسرية سنداً من القانون،وبخلافه يمكن أن يتعرض للمساءلة القانونية،جزائياً ومدنياً وتأديبياً من قبل النقابة التي تكون مسؤولة عن تنظيم شؤون الصحفيين ،وأن لم يشترط القانون الانتماء إليها كشرط لحمل صفة الصحفي وبالتالي ممارسة العمل الصحفيين بناءً على ذلك،وحسناً فعل المشرع العراقي في هذا الأمر،ونراه كان موفقاً كل التوفيق عندما عرف الصحفي دون أن يشترط انتمائه لنقابة الصحفيين،الذي يمكن أن يكون قيداً يحرم الكثير من العاملين في هذا المجال من التمتع بالحقوق والامتيازات التي جاء بها القانون.
سنبدأ تعليقاتنا على القانون وفقاً لتسلسل المواد الواردة فيه،ولكننا أولاً نعلق على تسمية القانون.
أولاً/ تسمية القانون- إن أطلاق تسمية ((قانون حقوق الصحفيين)) وجدناها تعبر عن مضمون القانون ومحتواه،لأنه يضم في معظم بل جميع مواده أحكاماً قانونية تشكل حقوقاُ للصحفيين كونهم الفئة المستهدفة من تشريعه بالدرجة الأساس،ولكننا كنا نأمل عدم قصر الأحكام القانونية الواردة في القانون على حقوق الصحفيين فقط، بل تضمينه الالتزامات (الواجبات والامتناعات) التي تقع على عاتقهم عند ممارستهم العمل الصحفي ،فإذا ما تم ذلك وضمن القانون واجبات الصحفي والتزاماته وجب عندها تغيير تسميته بالشكل الذي ينسجم مع المضمون الجديد لأحكامه ،فتكون تسميته الجديدة عندها (قانون حقوق وواجبات الصحفيين)،أو (قانون تنظيم عمل الصحفيين) أو( قانون الصحفيين) أو (قانون مهنة الصحافة) أو(قانون عمل الصحفيين).
المادة(1)/ والتي تطرقت لمعاني المصطلحات ذات العلاقة بالقانون كالصحفي والمؤسسة الإعلامية،ولنا بعض التعليقات عليها وكما يأتي:-
1- عدم الدقة في المعنى الواردة لمصطلح الصحفي،عندما أشترط القانون مزاولته عملاً صحفياً وهو متفرغ له ،نقول ماذا نقصد (بالعمل الصحفي) أولاً، فكان حرياً بالمشرع إيراد تعريف له أيضاً،وكذلك اشتراط التفرغ للعمل الصحفي حتى يوصف بأنه عملاً صحفياً،ولكننا نتساءل ما هو مقدار الفترة الزمنية لهذا التفرغ؟
هل هي دقائق أوساعة أو ساعات من اليوم، أم اليوم بأكمله،أم الأسبوع بأيامه،أم الشهر بأسابيعه،أم السنة بشهورها؟
وما هو الحكم لو كان يمارسه على فترات زمنية متقطعة وليس بشكل متفرغ تماماً.
هل هو التفرغ الجزئي أم التام ،ومن يحدد ذلك؟ وما هو المعيار المعتمد في ذلك التحديد؟
نعم أن القاعدة القانونية الواجبة العمل هنا،واستناداً لمبدأ تفسير النصوص القانونية تقضي بان المطلق يجري على أطلاقه مالم يقيد،فالعبرة اذاً باللفظ المستخدم والذي يدلل هنا على أنه لفظ عام(…متفرغ له)،فهو التفرغ التام والكلي للعمل الصحفي بكل أنواعه وصوره.
ولكننا نتساءل هنا ألا يمكن تفعيل القاعدة التي تقول(العبرة بالمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني)؟
فظاهر النص يوحي بالتفرغ الكلي والتام،ولكن الواقع قد لا يؤيد ذلك ولا يطابقه.
ونرى أمكانية إعمال تلك القاعدة للحد من غلواء النص ومطلقيته وعموميته.
أ- لما تقدم نقترح تضمين المادة الأولى تعريفاً لمصطلح(العمل الصحفي).كأن يكون التعريف كالآتي:- العمل الصحفي هو كل عمل يمارسه الصحفي في مؤسسة إعلامية مسجلة وفقاً للقانون.
ب- تحديد المقصود بالتفرغ بشكل أكثر دقة ووضوح،وكيفية أثبات ذلك الأمر،ومن هي الجهة التي تقرر ذلك الأمر؟
2- خلا القانون في مادته الأولى من إيراد تعريف للعديد من المصطلحات التي لها علاقة بالصحفي وعمله،نذكر منها على سبيل المثال (النقابة)،ماذا يقصد بها،وهل يمكن للنقابة أن تقوم ببعض الإجراءات ،أو كالحضور عند اتخاذ الإجراءات التحقيقية معه.أو كالدفاع عن شخص لا ينتمي لها ما دام الانتماء ليس شرطاً لتمتع بصفة الصحفيين.
وكذلك (نقيب المحامين) و(وسائل الإعلام) و(أدوات عمل الصحفي) و(المعلومات).
3- تعريف المؤسسة الإعلامية يحتاج إلى إيضاح أكثر،فهل يشمل المصطلح المؤسسات العراقية والأجنبية أم يقتصر على العراقية منها على اعتبار أن القانون يسري على الصحفيين العراقيين فقط، فكان الأفضل التخصيص والاقتصار على المؤسسات العراقية المسجلة رسمياً،كما لنا أن نطرح السؤال الآتي:- ما هو حكم المؤسسة الإعلامية الأجنبية المؤسسة،أو المصرح لها بالعمل وفق القانون،ويعمل فيها صحفيون أجانب(غير عراقيين) حصراً،كالقنوات الفضائية والصحف والمجلات الأجنبية؟ هل يسري عليهم القانون أم لا،وإذا كان لا يسري لاقتصار سريانه على الصحفيين من العراقيين فقط،فأي قانون يسري بحقهم إذا،وهل هناك قانون بالفعل ينظم عملهم ويضمن حرية ممارسة العمل الصحفي لهم.
نرى إن هذا الأمر يحتاج إلى معالجة قانونية وفي حدود معينة واطر خاصة،فلا يمكن أن يتمتع الصحفي الأجنبي بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها الصحفي العراقي.
4- حددت الفقرة الثانية من المادة الأول نطاق سريان القانون من حيث الأشخاص بقولها(تسري أحكام هذا القانون على الصحفيين العراقيين))،مما يعني حصر نطاق تطبيقه من حيث الأشخاص على الصحفيين العراقيين فقط (الذي يحملون الجنسية العراقية) دون غيرهم من الصحفيين الآخرين الأجانب(الذين لا يحملون الجنسية العراقية)،سواء كانوا من الدول العربية أو الغربية.
وكنا نأمل هنا أن يوسع نطاق سريان القانون من حيث الأشخاص ليشمل الصحفيين الأجانب العاملين في العراق ولكن في نطاق محدد،فشمولهم ببعض أحكامه ضرورة لابد منها،كالمواد الخاصة بالمحافظة على كرامة العمل الصحفي،وتقديم التسهيلات المطلوبة وفقاً للقانون،حق الحضور في المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة .
المادة الثانية/ حدد القانون نطاق سريانه على الصحفيين من العراقيين فقط،وهذا ما قررته المادة (الأولى/ثانياً) منه،في حين جاءت المادة (الثانية)،محدد للأهداف القانون،ونطاق سريانه مكانياً كما نرى بقولها ( يهدف هذا القانون إلى تعزيز حقوق الصحفيين وتوفير الحماية لهم في جمهورية العراق).
مما يفهم منه انه يشمل حتى غير العراقيين وفقاً للمفهوم الواسع للصحفيين،وعبارة في جمهورية العراق،وإلا فالأمر يحتاج إلى تحديد وتقييد بإيراد عبارة(من العراقيين فقط)، أو أعادة الصياغة اللفظية للنص ونقترح الأتي((يهدف هذا القانون إلى توفير الحماية للصحفيين العراقيين وتعزيز حقوقهم في جمهورية العراق))،ويمكن أن يكون النص المقترح بديلاً أيضاً للفقرة (ثانياً) من المادة الأولى،فيتم دمجها سوية مع المادة الثانية،وهذا مانفضله،فيكون نطاق سريان القانون من حيث الأشخاص والمكان في مادة قانونية واحدة.
كما بينا في المقترح وجدنا هناك تقديم وتأخير في بعض العبارات الواردة في نص المادة الثانية وهي (…تعزيز حقوق الصحفيين وتوفير الحماية لهم…)،أن توفير الحماية يأتي بالدرجة الأساس فمتى ما تم للصحفيين ذلك جاءت المرحلة الثانية وهي تعزيز حقوقهم،فمقترحنا إعادة ترتيب المادة الثانية ومراعاة التقديم والتأخير اللفظيين اللازمين في صياغة النص القانوني.
المادة الثالثة/ جاءت صياغتها كما نرى بشكل فيه زيادة لا داعي لها ولدينا تعليقات بسيطة عليها من حيث الصياغة أو المضمون،ونود أن نوضح أو نشرح هذه المادة بشيء من الإيجاز والاختصار أولا،فنقول أن القانون ألزم دوائر الدولة والقطاع العام والجهات الأخرى(يقصد بها كما نرى دوائر القطاع المختلط والقطاع الخاص )،التي يمارس الصحفي عمله أمامها بالتعاون معه وتقديم التسهيلات اللازمة التي يحتاجها الصحفي في عمله وفقاً لما يسمح به القانون،كما يجب على تلك الجهات أن تعامل الصحفي بالأسلوب الذي يحفظ كرامته وكرامة العمل الصحفي وذلك بعدم الاعتداء عليه بدنياً أو جسدياً (مادياً) سواء بالجرح أو الضرب أو العنف أو أي فعل مخالف للقانون،ومعنوياً عن طريق المساس بكرامته وشرفه واعتباره ومكانته ومحاولة الانتقاص منها أشارة بالتهديد والتخويف أو قولاً كالسب أو الشتم أو القذف والتهديد والوعيد.
وقد وفر قانون العقوبات الحماية اللازمة في هذا المجال،لاسيما أن قانون حقوق الصحفيين جعل للصحفي صفة الموظف فيما يتعلق بأفعال الاعتداء عليه،مما يعني أن الاعتداء عليه يشكل ظرفاً مشدداً للعقوبة،وهو مسلك محمود للمشرع العراقي وأن كنا نفضل التفرقة بين حالتين،حالة الصحفي الموظف في دوائر الدولة ،فهو موظف في كل الأحوال والذي لا يحتاج إلى مثل هكذا نص لإضفاء الحماية عليه،كونه محمي أصلاً لتمتعه بصفة الموظف أساساً،ولكن هذا النص نحتاجه بالنسبة للصحفي غير الموظف والذي يعمل في القطاع الخاص،فهو يجعل من منزلة الصحفي بمنزلة الموظف لأغراض الحماية المطلوبة ،وأن كنا نرى إسباغ صفة المكلف بخدمة عامة على الصحفي بدلاً من صفة الموظف في هذا المجال،لأنها الأقرب في الوصف القانوني كما نعتقد بالنسبة للصحفي العامل في غير دوائر الدولة أو القطاع العام.
ولما تقدم نرى أعادة النظر في صياغة المادة (9) من القانون ونقترح أن تكون صياغتها كالأتي((يعاقب كل من يعتدي على صحفي……….بالعقوبة المقررة لمن يعتدي على مكلف بخدمة عامة ………..)).
أو إضافة مادة جديدة للقانون تبين بشكل عام الصفة التي يتمتع بها الصحفي عند أدائه لعمله الصحفي أو عند تعرضه للاعتداء عند أدائه أو بسببه، ونقترح أن تكون صياغتها كما بالأتي ((لأغراض هذا القانون يعد الصحفي مكلفاً بخدمة عامة)) أو((يعد الصحفي لأغراض هذا القانون مكلفاً بخدمة عامة)) أو ((لأغراض الحماية الجزائية يعد الصحفي مكلفاً بخدمة عامة)).
المادة الرابعة/ جاءت هذه المادة مبينة لأحد الحقوق التي يتمتع بها الصحفي وبفقرتين (أولاً) تضمنت شقين،أولهما هو حق الحصول على المعلومات والأنباء والبيانات والإحصائيات،لكن بشرط عدم محظورية هذا الأمور ومن مصادرها المختلفة رسمية أم غير رسمية،أما الشق الثاني فهو نشر هذه المعلومات التي حصل عليها وفق القانون .
ولنا تعليقين على هذه الفقرة:-
– ألأول:- يتعلق بإيراد المشرع لمصطلحات نراها زيادة لا داعي لها(الأنباء،البيانات،الإحصائيات)،لأننا نرى أن مصطلح(المعلومات) ألوارد في بداية المادة يكفي للدلالة على بقية المصطلحات،فهو متضمنها بشكل صريح كما نعتقد،ولا داعي لهذه الإطالة وذكر التفصيلات،فالأنباء والبيانات والإحصائيات هي المعلومات ذاتها،ولا نرى فيها أي اختلاف،فنقترح على المشرع أعادة النظر في هذه الفقرة(أولاً) من هذه المادة ورفع تلك المصطلحات والاكتفاء بذكر مصطلح المعلومات فتكون صياغتها كالأتي((أولاً- للصحفي حق الحصول على المعلومات غير المحظورة…..الخ)).
وإما تعليقنا الثاني:- فهو بخصوص اشتراط هذه الفقرة أن يكون النشر بحدود القانون،مما يعني أن الصحفي وأن تحصل على المعلومات فلا يحق له نشرها إلا في إطار ما يسمح به القانون،فهناك قيود وردت في بعض القوانين كقانون العقوبات الذي وردت في كقيود تتعلق بحظر نشر المعلومات السرية خاصة المتعلقة بمرفقي الدفاع والأمن الداخلي أو الخارجي،والتحقيقات والمحاكمات التي جعلها القانون سرية،أو نشر المعلومات الخاطئة أو المغلوطة لأغراض خاصة وشخصية،أو نشر المعلومات الشخصية والعائلية لبعض الأفراد دون حق.
أما الفقرة(ثانياً) من المادة ذاتها فتؤكد حق الصحفي في الاحتفاظ بسرية المصادر التي حصل عن طريقها على معلوماته،فلا يجبر على الكشف عنها ولا يكره على الإفصاح عن أسمائهم أو عناوينهم أو مكان عملهم أو أي شيء يسهل عملية التعرف عليهم مهما كانت الأسباب والمبررات،كما لا يمكن أن يتعرض للمساءلة القانونية من جراء كتمان مصادره.
فمثلما يلزم الصحفي بعدم نشر معلومات من غير الجائز نشرها،كونها تتمتع بالسرية،تلزم الجهات المسؤلة في الدولة بالمحافظة على حقه في سرية معلوماته.
ونرى أن هذا الأمر أيضاً لا يمكن قبوله على عمومياته وإطلاقه،بل يقيد بقيود منه عدم أضرار ذلك بالمصلحة العليا للدولة،كمقتضيات الأمن العام،والكشف عن الجرائم الإرهابية أو مرتكبيها،أو منع ارتكاب جريمة أو الكشف عنها.
المادة الخامسة/ بناءً على ما جاء ت به المادة(42) من الدستور والتي أكدت على أن ((لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة))،تضمن القانون في الفقرة(أولاً) من مادته الخامسة حق الصحفي في الامتناع عن كتابة أو أعداد مواد صحفية تتنافى مع معتقداته وأرائه وضميره الصحفي،فلا يمكن أجبار الصحفي من قبل المؤسسة الإعلامية أو أحد المسؤلين فيها،أو مسؤلي الدولة أو من قبل أي شخص من الأشخاص،وتحت أي مبرر على كتابة مواضيع تعارض ما يتبناه من معتقدات دينية وفكرية وثقافية،كما لا يجوز الضغط عليه من أجل أعداد وتهيئة المواد الصحفية التي تتعارض مع معتقداته وأرائه الدينية والفكرية والثقافية،وفي الوقت ذاته لا يمكن إجباره على كتابة أو إعداد موضوعات صحفية خلافاً لما يقتضيه ضمير الصحفي من موضوعية وحيادية ومصداقية،والابتعاد عن الخلافات الشخصية والتحريف والتضليل في أعداد وكتابة المواد الصحفية(مقالات،تعليقات،لقاءات صحفية،لقاءات إذاعية،تقديم برامج لا يرغب الخوض فيها،تغطيات إعلامية،إشراكه في برامج خلافاً لارداته، بعيداً عن التحريف أو استخدام الضغوطات المادية والمعنوية.
فإذا ما حصلت مثل هكذا أمور فمن حق الصحفي أن يمتنع عن الاستجابة لمثل هكذا طلبات كونها تتعارض مع أحكام الدستور أولاً، ولأحكام القانون ثانياً دون أن يكون ذلك الامتناع مسوغاً لمساءلته جزائياً أو مدنياً،أو لمحاسبته أو معاقبته،أداريا أو انضباطيا من قبل المؤسسة الإعلامية التي يعمل فيها،ولا يحق لها في الوقت ذاته،فصله أو الاستغناء عنه لمجرد الرفض،وإلا كان للصحفي الحق في اللجوء إلى القضاء لاستيفاء حقوقه ومن ضمنها الاستمرار بعمله إذا ما تم الاستغناء عنه أو طرده من عمله،أو الحصول على التعويض عن الإضرار التي أصابته.
أما الفقرة(ثانياً) من المادة نفسها فقد تضمنت حق الصحفي في التعقيب والرد فيما يراه مناسباً لإيضاح رأيه للغير وأن كان مختلفاً مع الآخرين في وجهات النظر والاجتهادات الفكرية،فمن حقه التعقيب على ما يكتب من مقالات وأبحاث وتعليقات في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية أو يقدم من برامج ،كل ذلك في إطار القانون من حيث أسلوب وطريقة الرد.
فمن حق كل إنسان إبداء رأيه ووجهة نظره في موضوع أو مواضيع معينة،وقد يفهم البعض ذلك الرأي أو وجهة النظر خلافاً لما أراده وعبر عنه، فتوجه له سهام النقد من اجل تفنيد ما قال أو كتب فمن حقه أن يعقب ويرد على ذلك موضحاً ما أراد البوح به بكل صراحة ووضوح دون أن يعد ذلك تعدياً أو تجاوزاً على الغير ما دام في حدود ما سمح به القانون.