إجراءات فتح القبر

د.ضياء عبدالله عبود الجابر الاسدي

جامعة كربلاء/ كلية القانون

أن الإجراءات المتبعة في فتح القبر تختلف باختلاف الجهة القائمة على تنفيذه،والتي تحضر عند القيام به،فبعد صدور القرار القضائي بإعطاء الإذن لفتح القبر والكشف على الجثة من قبل قاضي التحقيق أو المحكمة المختصة،تبدأ مرحلة التنفيذ،والتي تتم، أما بحضور قاضي التحقيق أو قاضي المحكمة الذي أصدر الأمر أو أحد قضاتها،إضافة إلى المحقق أو المحققين الذين يعملون تحت أمرة القاضي المختص،والذين قد يحتاجهم القاضي في بعض الأمور التحقيقية عند فتح القبر والكشف عن الجثة،إضافة لحضور أصحاب العلاقة من ذوي المتوفى وأقاربه(الأب،الأم،الابن،الأخ،الجد،الزوج،الزوجة…الخ)،كونهم أصحاب العلم والمعرفة عن المكان الذي دفن فيه قريبهم(المتوفى أو المجنى عليه) ، وفي كثير من الأحيان يتم الاستعانة بالدفان الذي تولى عملية الدفن أن كان متواجداً،أو من يعمل معه ،كونه صاحب معرفة وإطلاع واسع في هذا المجال،لاسيما في المجتمع العراقي، ومن أجل فتح القبر والكشف على الجثة يتم الاستعانة بشخص أو أكثر من العاملين في هذا المجال،وهو من يطلق عليه،(الدفان)أو(حفار القبور) ،ويمكن أن يحضر ذو المتهم كأقاربه أو محاميه إذا رغبوا في ذلك ،ويتم اصطحاب الطبيب العدلي المختص،بناء على طلب قاضي التحقيق،وهذا ما أكدت عليه الفقرة(أولاً/ج) من المادة(14) من قانون الطب العدلي رقم(57) لسنة 1987 المعدل بقولها((يقوم الطبيب العدلي بالمهام الآتية: حضور عملية فتح القبر لاستخراج الجثة لوصفها أو تشريحها لبيان سبب الوفاة أو اتخاذ أي إجراء آخر يطلبه قاضي التحقيق))،ونرى هنا ضرورة تعديل العبارة الأخيرة من الفقرة سالفة الذكر ،وذلك بعدم قصر الأمر على قاضي التحقيق،بل إعطاء الصلاحية أيضا وبنص صريح لمحكمة الموضوع،وذلك من خلال استبدال عبارة يطلبه قاضي التحقيق بعبارة،”تطلبه السلطة القضائية”،ولتأتي منسجمة مع نص الفقرة(أولا) من المادة(23) من القانون ذاته،والتي جاء فيها ما يأتي((يحضر الطبيب العدلي عملية فتح القبر بطلب من الجهة القضائية))،أو الخبير- والذي يقصد به كما نرى هنا الطبيب الذي يقع عليه الاختيار من قبل السلطة القضائية المختصة،وأن لم يكن طبيباً عدلياً في حالة عدم وجود الطبيب العدلي المختص-،أو خبير الأدلة الجنائية من المحللين الكيميائيين أو خبراء الأسلحة ،والذي يتولى عملية فحص الجثة في مكان القبر،فقد يكتفي الطبيب العدلي بمجرد المعاينة للجثة،أو أخذ عينات منها دون الحاجة إلى نقلها للمختبر،لاستيفاء الغرض من الكشف على الجثة والوصول إلى الهدف المنشود من وراء ذلك،وهذا ما نصت عليه الفقرة(أولا/و) من المادة (14) قانون الطب العدلي سالف الذكر بقولها((يقوم الطبيب العدلي بالمهام الآتية:إجراء الكشف أو المعاينة موقعيا عند الاقتضاء))،وأكدت عليه الفقرة (ثانياً) من المادة(23) من القانون ذاته بقولها((للطبيب العدلي فحص الجثة في المقبرة أو يطلب نقلها إلى مختبرات الطب العدلي، من أجل إجراء الكشف عليها إذا تطلب الأمر ذلك،فقد يحتاج الأمر إلى الاستعانة بالأجهزة والمواد المختبرية،والتي لا تتوافر في مكان دفن الجثة ،كإجراء التحاليل،أو فحص بعض الأجزاء وأخذ عينات منها ،خاصة إذا كانت الجثة حديثة العهد بالدفن ولم تمضي سوى أيام قلائل على دفنها،بل حتى إذا مضى على دفنها سنوات،فالتطور الحاصل في مجال الفحوصات المختبرية يمكن أن يقود إلى اكتشاف حقائق   خافية على السلطة المختصة بالتحقيق أو المحاكمة،كفحوصات الحامض النووي.                                  

وهذا ما أكدت عليه العبارة الأخيرة من الفقرة(ثانياً) من المادة(23) بقولها((…..أو نقلها إلى القسم المختص)).                                                                                     

وكل هذه الفئات تحضر برفقة مفرزة تهيئ لهذا الغرض،من أجل توفير الحماية اللازمة والمطلوبة، تتكون من ضابط أو أكثر ومجموعة من المراتب،وتكون تحت مراقبة وإشراف قاضي التحقيق المختص.                                                                           

وقد يتم تنفيذ أمر فتح القبر والكشف على الجثة من قبل المحقق والأشخاص الذين ذكرناهم سلفاً،بدون حضور قاضي التحقيق المختص أو قاضي محكمة الموضوع،الأمر الذي يعني، أنه لا يتطلب الحضور الشخصي من قبل قاضي التحقيق المختص عند إجراء فتح القبر والكشف على الجثة،فالواجب صدور أمر أعطاء الإذن بفتح القبر والكشف على الجثة من قبل قاضي التحقيق أو محكمة الموضوع،لكن لا يشترط مباشرة هذا الإجراء من قبل القاضي شخصياً،بل يمكن أن ينيب أو يخول غيره في ذلك،ونقصد بالغير هنا المحقق المختص،ونحن لا نؤيد ذلك،ونرى ضرورة حضور القاضي المختص عند فتح القبر وإجراء الكشف على الجثة،لأهمية هذا الإجراء وخطورته،وايلائه عناية تدلل على ذلك.                                                                                                                    

ويتم في نهاية الأمر(أجراء فتح القبر والكشف على الجثة) عمل محضر من قبل القائم به ،سواء كان قاضي التحقيق المختص،أو قاضي الموضوع،أو المحقق الذي قام بالإجراء،وبحضور شاهدين على اقل تقدير ويوقعان على المحضر أيضاً،على أن يتم في الحالة الأخيرة عرض المحضر على قاضي التحقيق المختص أو محكمة الموضوع،للاطلاع والتصديق عليه قضائياً،ويرى الدكتور وصفي محمد علي(رحمه الله)أنه(( من الواجب الوظيفي والإنساني على الطبيب أن لا ينظم شهادة الوفاة إلا بعد التأكد من تشخيص حالة الوفاة وبذل ما يحول دون حصول ما يقع من حوادث مؤسفة ناتجة عن دفن شخص اعتقد خطأ أنه فارق الحياة،وهذا هو سبب ادعاء البعض أن فلاناً عادت له الحياة بعد الموت)).                                                                                                              

ويجب أن يتم الكشف على الجثة بالطريقة التي تحافظ على حرمتها ولا تهتكها،وهذا الأمر متروك لتقدير السلطة القائمة بتنفيذ الأمر،وهي قاضي التحقيق أو محكمة الموضوع ،أو المحقق المخول الخاضع لرقابة وأشراف القاضي المختص.                                      

كما يجب أعادة الجثة بعد أجراء الكشف المطلوب عليها إلى مكانها الذي أخرجت منه،أو إلى مكان آخر يرتضيه ذو المتوفى أو المجنى عليه،فلا يمكن أن تترك الجثة في مختبرات الطب العدلي دون دفن،كما لا يجوز تركها على حافة القبر بعد كشفه،بل يتحتم إعادة دفنها وبالطريقة اللائقة التي تتناسب مع معتقدات الشخص وديانته.على أن يتم ذلك بعلم ومعرفة ذو المتوفى أو المجنى عليه(48) ،وكل هذه الأمور من المفترض تتم على حساب ونفقة الدول،كأجور فتح القبر،ونقل الجثة وإعادة دفنها،،وخاصة إذا كانت السلطة القضائية هي المبادرة لاتخاذ هذا الإجراء،ويمكن أن يتحمل الأطراف جزء منها ،لاسيما إذا كانوا هم من طالب بفتح القبر وإجراء الكشف على الجثة.                                                        

مما تقدم يمكننا تلخيص الإجراءات التي تتخذ عند فتح القبر لإجراء الكشف على الجثة بما يأتي:-                                                                          

                        

1- الحصول على أذن القاضي المختص،بعد توافر الأسباب التي توجب فتح القبر.

2- التعرف على القبر الصحيح،وبالتالي استخراج الجثة المطلوبة،ويتم ذلك من خلال الاستعانة بذوي العلاقة والمختصين كالأقارب والدفان أو اللحاد.                                                                                      

3- تأمين المكان الذي يوجد فيه القبر من خلال اصطحاب دورية مختصة وكافية من رجال الشرطة.                                                                                             

4- اصطحاب المختصين من الأطباء العدليين والخبراء بصحبة الأدوات والوسائل اللازمة للقيام بالكشف على الجثة وفحصها كأخذ العينات .                                                                                                          

5- استخراج الجثة وفق الأصول المرعية،بما يحافظ على كرامة المتوفى وجثته،وسلامة أكفانه،لأهمية كل ذلك وتأثيره في نتائج الفحص ،وأجراء الفحوصات الكافية من قبل الطبيب أو الخبير المختص في مكان القبر ،أو نقلها إلى المؤسسة الصحية،للقيام بالفحوصات المختبرية اللازمة ،ومن ثم تقديم التقرير الطبي المتضمن النقاط الجوهرية التي خلص إليها بعد الفحص ويقدم إلى الجهات القضائية المختصة(49).                                                   .                                                                

6- حضور من يرغب بالحضور من ذوي العلاقة ولاسيما أقارب المتوفى،وشهود التعريف. .                       .  

7- تنظيم القاضي المختص ،أو المحقق القائم بفتح القبر محضراً يبين فيه ما تم اتخاذه من إجراءات وتأريخها ويوقع من قبله مع قسم من الحضور ولاسيما الشهود،ويختم بالختم الرسمي،ويرفق بأضبارة الدعوى مباشرة إذا كان مقدم من القاضي المختص،أو يرسل إلى القاضي المختص إذا كان منظماً من قبل المحقق المكلف بذلك لغرض الاطلاع عليه وتصديقه،وإصدار قراره المسبب بإعادة الجثة وتسليمها لذوي العلاقة بالمتوفى.                                          

                                                                                        

8- إعادة دفن الجثة وفقا للأصول المرعية ،في المكان الذي استخرجت منه نفسه ،إلا إذا تعذر ذلك،أو طلب الأهل نقلها إلى مكان آخر بسبب أعمال التشييد والبناء لأغراض التوسع العمراني،أو تطوير المقبرة أو ترميمها،أو التنقيب الأثري وغيرها من الأسباب.                                                                                             .