المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن
(دراسـة مقارنـة)
Civil liability created by pollution damage of ships – fuel oil
(comparative study)
بحث مقدم من قبل
الأستاذ المساعد الدكتور حسن علي كاظم
الباحثة رجاء حسين عبد الأمير
جامعـة كربلاء // كليـة القانون
الخلاصـــة..
تٌعدٌ المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن من الموضوعات المهمة التي يرى الباحث انها جديرة بالدراسة, كونها تتناول مسألة مهمة وهي حماية المتضررين من التلوث بالوقود الزيتي للسفن, ومع التطور الذي شهده العالم في ظل الثورة الصناعية الحديثة, ظهرت هناك بعض القضايا التي لم تكن معروفة من قبل ومنها التلوث بالوقود الزيتي للسفن والمسؤولية المدنية الناشئة عنها, ومن هنا جاءت أهمية البحث, وفي هذه الدراسة تناولنا خصوصية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن وأركان تلك المسؤولية, وقد بحثنا هذا الموضوع في مبحثين, تناولنا في المبحث الأول خصوصية المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, وتناولنا في المبحث الثاني أركان المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث, ثم استعرضنا أهم النتائج والمقترحات التي توصلنا إليها في هذا البحث.
الكلمات المفتاحية: المسؤولية المدنية , تلوث , ضرر , وقود زيتية.
Abstract ..
The civil liability for pollution damage fuel oil for ships of the important issues that the researcher believes it is worthy of consideration, as dealing with an important issue of the protection of those affected by the contamination of fuel oil for ships, and with the development witnessed by the world in the light of the Industrial Revolution, modern, appeared there were some issues that were not known before, including the contamination of fuel oil for ships and civil liability arising therefrom, hence the importance of research, and in this study we addressed the privacy of civil liability for pollution damage fuel oil for ships and the pillars of that responsibility, we have discussed this subject in two sections, we dealt with in the first section the privacy of civic responsibility pollution damage arising from fuel oil for ships, and we dealt with in the second section pillars of civil liability for pollution damage, and then we review the most important findings and proposals that we have reached in this research
key words:Civil liability , pollution , damage , fuel oil.
المقدمـــة ..
تٌعدٌ المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن من الموضوعات القانونية المهمة التي يرى الباحث انها الجديرة بالدراسة والبحث والتحليل, إذ أن المسؤولية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن ذات ارتباط وثيق بحياة الأشخاص, وما ينشئ عنها من خصومات ومنازعات, لذلك أن الاهتمام بالمسؤولية المدنية الناشئة عن التلوث بوقود السفن الزيتي, تتطلب وضع تشريعات قانونية خاصة تنسجم مع متطلبات الإتفاقيات الدولية, ولاسيما الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن لسنة 2001.فالوقود الزيتي الذي يستخدم كطاقة مشغلة للسفن تنتج عنه أضرار جسمية تصيب الأشخاص وكذلك الأموال داخل إقليم الدولة, ولاسيما أن النقل البحري أصبح من أهم أنواع النقل المتعددة, وعلى الرغم من أهميته وكثرة الفوائد التي يحققها للبشرية, إلا انه يلحق أضرار كبيرة بالبيئة البحرية والأشخاص والممتلكات, مما ينشئ عن ذلك مسؤولية مالك السفينة عن الأضرار الناجمة عن حادثة التلوث بوقود السفن الزيتي.فلو نظرنا إلى المسؤولية المدنية بصورة عامة لوجدناها تنطوي على التزام للشخص الطبيعي أو المعنوي بتعويض الضرر الذي يسببه لشخص أخر بفعله الشخصي أو بفعل الأشخاص الذين هم تحت رقابته أو بفعل الأشياء التي تحت حراسته, ويمكن القول أن المسؤولية التي عرفتها الإنسانية منذ نشوء المجتمعات البشرية, صورتها وطريقة التعويض عن الضرر تطورت بتطور المجتمع, إذ أنها كانت في الواقع مرآة لذلك المجتمع فكانت الفكرة بدائية عندما كان المجتمع بدائي يفتقر للسلطة والى الحد الأدنى للتنظيم, وأصبحت متقدمة بعد أن أخذ المجتمع الشكل المتحضر وأصبحت قواعدها راسخة ثابتة, إذ أنها تمتاز بمفهومها المتطور الذي يواكب حركة التقدم وما تفرزه من المشكلات والحاجات الجديدة, ويمكن حصر المسؤولية المدنية في نوعين هما:-
أولا // المسؤولية العقدية التي تنشئ من الإخلال بتنفيذ التزامات ناشئة عن عقد, ولا يتعلق هذا النوع من المسؤولية بموضوع التلوث الناشئ عن وقود السفن الزيتي إلا استثناء.
ثانيا // المسؤولية التقصيرية, وهي التي تنشئ عند الإخلال بالواجب القانوني العام القاضي بعدم الأضرار بالغير, وهذا النوع من المسؤولية يتعلق بالمسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن.
أولاً // أهمية البحث..
1- أن موضوع المسؤولية المنية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن مهم وحساس, إلا أن الدراسات القانونية في ذلك المجال لم تلقي أهتماماً واسعاً إلا من خلال دراسات لوضع التلوث البحري بشكل عام, الأمر الذي دعا إلى البحث في هذا الموضوع لعله يشكل إضافة إلى الجانب القانوني الذي لم يحظ بالدراسة والاهتمام بشكل كافي.
2- كما أن الملاحة البحرية الدولية في تطور مستمر ولا غنى عنها لجميع دول العالم, وقوام النقل البحري هو نقل الإنسان والبضائع مع ما يكتنف السفينة إثناء الرحلة البحرية, من مخاطر التلوث بالوقود الزيتي للسفن, وهي في عرض البحر مسببه أضرار بالبيئة البحرية وبممتلكات الأشخاص الطبيعية والمعنوية, ومن ثم فأن أهم المواضيع التي تثار هي مسؤولية مالك السفينة عن تلك الأضرار, والقانون الواجب التطبيق على تلك المنازعات.
3- وجود اتفاقية دولية تناولت موضوع المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, فضلاً عن الإتفاقيات الدولية التي تعني بالتلوث البحري بالنفط وانضمام وتصديق العديد من الدول العربية والأجنبية لها، وعدم انضمام العراق إلى هذه الاتفاقيات على الرغم من أهميتها, لأنها أوجدت قواعد دولية موضوعية لمسألة التلوث البحرية، وحققت نوعاً من التوازن بين مصالح ذوي الشأن، كما هو الحال في اتفاقية المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بوقود السفن لسنة 2001, التي حققت توازنا ملموسا بين مصلحة المضرور ومصلحة المسؤول عن الضرر.
4- محاولة إيجاد قاعدة إسناد خاصة بالمسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بوقود السفن تنسجم وطبيعة هذه المسؤولية وبصياغة مرنة, تساعد القضاء العراقي على اختيار القوانين المناسبة لها.
ثانياً // مشكلة البحث..
إن مشكلة تنبع من أن خطر التلوث بالوقود الزيتي للسفن خطر ذو خصوصية معقدة, يترتب عليها عدم إمكانية تطبيق القواعد العامة الواردة في القانون المدني أو قانون حماية وتحسين البيئة أو القواعد القانونية الواردة في القانون الدولي الخاص, كون المسؤولية الناشئة عن تلك الأضرار لا تقوم على أساس الخطأ, وإنما على أساس الضرر وخصوصا إذا كان النشاط الذي تمارسه السفن في البحار ونتج عنه التلوث مشروعا, لذلك فأن هذا البحث يطرح مشكلة تتعلق بمدى إمكانية البحث عن قواعد خاصة للمسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن لتتواءم مع خصوصية تلك المسؤولية.
ثالثاً // منهجية البحث..
ستكون دراسة البحث وفق المنهج الوصفي التحليلي, وصف القواعد الواردة في الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن لسنة 2001 والإتفاقيات ذات العلاقة بهذه المسألة, وكذلك وصف القواعد القانونية الواردة في القوانين الوطنية الخاصة بالتلوث بوقود السفن الزيتي, ومنها القانون الأمريكي للتلوث بالوقود الزيتي للسفن لسنة 1990 المعدل والقانون الكندي للمسؤولية البحرية لسنة 2001 المعدل, ومدى ملائمة سلوك الاتفاقيات والقوانين مع ما يمكن الأخذ به في القانون العراقي, مع بيان مدى النجاح الذي حققته الاتفاقية الدولية بخصوص المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن.
رابعاً // خطة البحث..
من اجل معالجة الإشكاليات المعروضة في البحث سوف نعالجه في الخطة الأتية, إذ تحتاج الدراسة تقسيم البحث, إلى مبحثين.
المبحث الأول // خصوصية المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن
المطلب الأول // المسؤول عن التلوث
الفرع الأول // مسؤولية مالك السفينة
الفرع الثاني // مسؤولية الغير
المطلب الثاني // اساس المسؤولية عن التلوث
الفرع ا الأول // المسؤولية القائمة على اساس الخطأ
الفرع الثاني // المسؤولية القائمة على اساس الضرر
المطلب الثالث // التغطية الاجبارية
الفرع الأول // التأمين الاجباري او الضمان المالي
الفرع الثاني // تحديد المسؤولية
المبحث الثاني // أركان المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن
المطلب الأول // حادثة التلوث
الفرع الأول // السفينة مصد التلوث
الفرع الثاني // الوقود الزيتي للسفينة
الفرع الثالث // الواقعة المسببة للتلوث
المطلب الثاني // ضرر التلوث بوقود السفن الزيتي
الفرع الأول // أنواع الضرر
الفرع الثاني // شروط الضرر
المطلب الثالث // العلاقة السببية
الفرع الأول // الصور التقليدية للسبب الاجنبي
الفرع الثاني // الصور المستحدثة للسبب الاجنبي
المبحث الأول // خصوصية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن..
إذا توفرت أركان المسؤولية المدنية عن التلوث بالوقود الزيتي للسفن فمن البديهي التساؤل حول المسؤول عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, فهل يتحملها المالك المسجل للسفينة, أم من الممكن أن يتحملها الغير؟ وهل ركزت المسؤولية على المالك المسجل أم أنها امتدت إلى غير المالك المسجل؟ وما هو أساس تلك المسؤولية فهل هي قائمة على أساس الضرر أم الخطأ؟ وما هي الاتجاهات الفقهية التي قيلت في شأن طبيعة تلك المسؤولية؟ وان ثبوت المسؤولية المدنية عن التلوث بوقود السفن الزيتي, لا يحقق أثرا ايجابيا فعالا في حماية المضرورين من التلوث, إذا كان المسؤول عن أضرار التلوث غير قادر على سداد مبالغ التعويضات المحكوم بها عليه, فأن احتمالية تعرض المسؤول عن الضرر للإعسار أمراً وارداً, فمن اللازم توفير حماية للمضرور تكون أكثر فعالية لحصوله على المبالغ المحكوم بها, ولعل التغطية الإجبارية التي تتمثل بالتأمين الذي يعد إجراءً أساسياً لتكملة نظام المسؤولية عن التلوث بالوقود الزيتي للسفن, لأنه من الضروري ضمان تعويض المضرورين من التلوث بوقود السفن تعويضا عادلا, أو تكون هذه الضمانة ذات طبيعة مالية من مؤسسة مالية, ولبيان ذلك سوف نقسم المبحث على ثلاثة مطالب: نتناول في المطلب الأول المسؤول عن التلوث, ونتناول في المطلب الثاني أساس المسؤولية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي, ونتناول في المطلب الثالث التغطية الإجبارية.
المطلب الأول // المسؤول عن التلوث ..
عندما تقع حادثة التلوث بالوقود الزيتي للسفن, وينتج عن تلك الحادثة أضرار تلوث, فأن ما يشغل بال المضرورين هو معرفة المسؤول عن حادثة التلوث لإقامة الدعوى ضده بهدف الحصول على التعويض عن الأضرار التي أصابته من جراء ذلك التلوث, فمن هو المسؤول عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي؟ هل هو مالك السفينة فقط, أم يمتد إلى مجهز السفينة ومستأجرها؟ وما مدى مسؤولية الغير الذي لا تربطه علاقة بمالك السفينة ؟ ولغرض بيان ذلك نقسم هذا المطلب على فرعين نتناول في الفرع الأول مسؤولية مالك السفينة, ونتناول في الفرع الثاني مسؤولية الغير.
الفرع الأول // مسؤولية مالك السفينة..
أن المسؤول عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن هو مالك السفينة وقت وقوع حادثة التلوث, وقد عرفت المادة (1/3) من الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 مالك السفينة بقولها (يعني مالك السفينة وتشمل هذه الصفة المالك المسجل ومستأجر السفينة غير المطقمة والقائم على إدارة السفينة ومشغلها ), يبدو أن الإتفاقية تبنت مفهوما واسعا للمسؤول عن التلوث, فلم تقتصر على مالك السفينة المسجل فقط بل امتد نطاق الاتفاقية إلى من لا يمتلك السفينة وان كان له دور في إدارة الرحلة كالمستأجر والمشغل والقائم على إدارة السفينة, وهذا يعني أن الإتفاقية لم تتبنى مبدأ تركيز المسؤولية الذي يقضي بمسؤولية مالك السفينة المسجل دون غيره, من مستأجر أو مستغل للسفينة, وإنما تركت إمكانية الرجوع على المستغل والمستأجر والقائم بالإدارة عند إعسار المالك([1]).ويكون تملك السفن إما عن طريق الشراء أو عن طريق البناء, أو تملك السفن عن طريق الشيوع, فمالك السفينة إما أن يكون شخصاً طبيعياً واحداً سواء كان عن طريق البيع أو البناء أو يكون مالك السفينة مجموعة من الأشخاص, كما هو تملك السفينة عن طريق الشيوع, إذ أن كل شريك في السفينة تسجل حصته الشائعة باسمه في سجل السفن([2]),فالمالك المسجل هو الشخص أو الأشخاص الذين سجلت السفينة بأسمائهم, وفي حالة عدم تسجيل السفينة، المالك هو الشخص أو الأشخاص الذين يملكون السفينة([3]),وقد تكون السفينة مملوكة للدولة وتستخدمها في أغراض تجارية فهنا يكون المالك هو الدولة لكن بوصفها شخصاً عادياً, تكون خاضعة للمقاضاة وتتخلى عن جميع الدفوع المستندة إلى مركزها كدولة صاحبة سيادة، هذا ما أكدته الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 في المادة (4/4). وقد تكون السفينة محلا للإيجار([4]), فقد يقع الإيجار على سفينة غير مجهزة ليتولى المستأجر تجهيزها, أو قد تؤجر السفينة مجهزة ليقوم المستأجر بنقل البضاعة عليها, فإيجار السفن عادة يكون في صورتين([5]):الصورة الأولى الإيجار الأعتيادي، وهو أن يقوم مالك السفينة بتأجيرها مجهزة ويلتزم بتقديم الخدمات المتعلقة بالتموين والبحارة, وهذه الصورة تكون في حالتين:
الحالة الاولى // مشارطة بالرحلة أي إيجار السفينة لرحلة معينة، وفي هذه الحالة لا يكون للمستأجر أي دور إيجابي في السيطرة على السفينة أو كيفية الإنتفاع بها, والحالة الثانية هي المشارطة الزمنية تقضي بإيجار السفينة لمدة زمنية محددة, ويختلف مركز المستأجر في هذه الحالة من ناحية سلطته على السفينة فقد تكون له السلطة في إدارتها من ناحية الإدارة البحرية([6]) أو من الناحيتين الإدارة البحرية والإدارة التجارية([7]) وهذا متروك لاتفاق الطرفين, أما الصورة الثانية الإيجار العاري أي أن مالك السفينة يقوم بتأجيرها عارية غير مجهزة بتموين أو بحارة, بشرط أن تكون مجهزة بحد أدنى من الأدوات والأجهزة اللازمة لتسييرها في البحر بصورة أمنة ويكون للمستأجر السلطتين الإدارة البحرية والإدارة التجارية([8]), ولما كان عقد الإيجار في الصورة الثانية ينقل للمستأجر السلطة الإدارية والتجارية فأن المستأجر يكون مسؤولا في مواجهة الغير عما يحدثه من أضرار تنجم عن التلوث بالوقود الزيتي للسفن, وهذا ما أكدته الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 في المادة (1/3) عندما أعطت مفهوما لمالك السفينة فقد نصت على, (ويعني مالك السفينة وتشمل هذه الصفة …..ومستأجر السفينة غير المطقمة …..) والمقصود بالسفينة غير المطقمة هي السفينة غير المجهزة ويطلق عليها بالعارية([9]), أما القائم على إدارة السفينة فهو مستأجر السفينة عندما يكون للمستأجر سلطة الإدارة البحرية, وهذه الصورة تدخل ضمن الإيجار الاعتيادي عندما يقوم مالك السفينة بتأجير السفينة مجهزة، ويلتزم بتقديم الخدمات المتعلقة بالتموين والبحارة, وهذه الصورة هي المشارطة الزمنية([10]). وهناك من يرى([11]) أن تطبيق مبدأ عدم تركيز المسؤولية سوف يواجه مشاكل عملية وخاصة إذا ما اخذ بنظر الاعتبار تعدد مؤمني الأشخاص الذين يجوز مساءلتهم عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, ولاسيما إذا كان احد الأشخاص المسؤولين قد أرتكب خطأ إرادياً مما يترتب عليه سقوط حقه في التمسك بتحديد المسؤولية, في حين وهناك من يرى ([12]) على الرغم من أن مبدأ عدم تركيز المسؤولية سوف يقود إلى تعدد المسؤولين عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن , إلا أن ذلك لا يعني سوف يلتزمون جميعا بالتأمين الإجباري للمسؤولية, وبالتالي فهم غير ملزمين بأن يكون لديهم شهادات استيفاء التامين الإجباري, فالأمر سوف يقتصر على مالك السفينة المسجل([13]), وبذلك تختلف الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001عن إتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط لسنة 1969 التي تبنت مبدأ تركيز المسؤولية في مواجهة مالك السفينة.وفقا للقواعد العامة في القانون المدني العراقي, ومن خلال النص الخاص بالمسؤولية عن الآلات الميكانيكية والاشياء الاخرى([14]), يمكن لنا ان تستنتج ان مالك السفينة: ( هو كل شخص له سيطرة فعلية على السفينة كمالك المسجل او المستعير او المستأجر او المنتفع, فكل شخص تكون السفينة تحت تصرفه يكون هو المسؤول عما تحدثه من ضرر).أما قانون التلوث بالزيت الأمريكي لسنة 1990, فقد جاء بمفهوم واسع لمالك السفينة, إذ شمل المالك المسجل والمستأجر والمستغل والمجهز, فقد نص في المادة (2702/أ) على أن (كل شخص مسؤول عن سفينة يتسرب منها الزيت أو تنشئ تهديداً جسيماً بالتسرب في أو على المياه البحرية أو السواحل المجاورة أو المنطقة الأقتصادية الخالصة يٌعدٌ مسؤولاً عن تكاليف الإزالة والأضرار التي تنتج عن هذا الحادث), وأن مفهوم المسؤول عن التلوث وفقا لنص الفقرة يعطي معنى واسعاً فقد يكون المسؤول مالك السفينة، وقد يكون المستأجر لأنه عندئذ يكون هو مسؤولا عن إدارتها, أو القائم باستغلالها, وقد بيت المادة (2701/32) من القانون ذاته مفهوم الشخص المسؤول بقولها (…أي شخص يمتلك السفينة أو يستغل أو يستأجر السفينة).أما قانون المسؤولية البحرية الكندي لسنة 2001 فقد عرف مالك السفينة في المادة (91/1/ب), بالتعريف ذاته الذي نصت عليه الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 في المادة (3/1) وهذا يعني أنه أخذ بالمفهوم الواسع لمالك السفينة, أي لم يتبنى مبدأ تركيز المسؤولية على المالك المسجل, وإنما مد نطاقها إلى المستأجر والمستغل.
الفرع الثاني // مسؤولية الغير ..
وفقا للقواعد العامة في القانون المدني العراقي, يعد الغير مسؤولاً على اساس الخطأ الذي ارتكبه, فإذا اتثبت المسؤول أن الضرر نشأ بفعل الغير([15]), فيكون الغير مسؤولاً عن اضرار التلوث وعلى المضرور ان يثبت خطأ الغير, فإذا ما عرضت على القاضي العراقي دعاوى المطالبة بالتعويض عن اضرار التلوث سوف يلجأ الى القواعد العامة في القانون المدني, وبالتالي يكلف المضرور بأثبات خطأ الغير، إلا اننا نرى قيام مسؤولية الغير على اساس الخطأ تثير مشاكل في مسألة اثباته، او معرفة السلوك الخاطئ من عدمه, وهذا ما عليه الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن اضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001, اذ تعد الغير مسؤولا على اساس الخطأ وطبقا للقواعد العامة.وندعو المشرع العراقي بعد الانضمام الى الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن اضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001, تعديل مسؤولية الغير عن اضرار التلوث بوقود السفن بما جاء به قانون التلوث بالزيت الامريكي لسنة 1990، الذي انفرد بفكرة مسؤولية الغير عن اضرار التلوث بالزيت عن الإتفاقيات الدولية وكذلك القوانين الوطنية التي عالجت مسألة التلوث البحري بالزيت.إذ حدد المقصود بالغير تحديداً واضحا, فالغير طبقا لهذا القانون, ( هو اي شخص غير تابعي او وكلاء الشخص المسؤول عن السفينة الملوثة، وأي شخص ليست له علاقة تعاقدية مع الشخص المسؤول)([16]), كما نص على مسؤولية الغير عن اضرار التلوث الى جانب مالك السفينة المسجل، أو المستأجر المجهز أو المستغل طبقا لأحكام هذا القانون دون حاجة لإثبات خطئه, فيكفي لنشأة مسؤوليته عن اضرار التلوث بالزيت أن يثبت الشخص المسؤول (مالك السفينة المسجل أو المستأجر المجهز أو المستغل), أن تسرب الوقود الزيتي أو التهديد به حدث كلياً بسبب القيام بعمل أو متناع من جانب الغير([17])، إذ يعد الغير مسؤولاً طبقا لأحكام هذا القانون إذا كان فعله هو السبب الوحيد لحادثة التلوث, وبالتالي إذا ما ساهم بفعله في وقوع حادثة التلوث فلا يعد مسؤولاً طبقاً لهذا القانون بل طبقاً للقواعد العامة على أساس الخطأ الذي ارتكبه.فإذا صدمت سفينة (أ) سفينة (ب) وتسبب ذلك التصادم بتسرب وقود السفينة (ب), فإن المسؤول عن السفينة (ا) يعد من الغير طبقاً لأحكام هذا القانون, فإذا أثبت المسؤول عن السفينة مصدر التلوث (ب), أن تسرب الوقود الزيتي او التهديد به يرجع كليا الى فعل أو إهمال من جانب المسؤول عن السفينة المصادمة, فإن هذا الأخير يعد مسؤولاً عن اضرار التلوث دون حاجة لإثبات خطئه.
المطلب الثاني // أساس المسؤوليــة عن التلوث..
المسؤولية المدنية تعني الإلتزام بالتعويض عن الأضرار التي تلحق بالأشخاص والممتلكات, نتيجة الإخلال بالواجب العام الذي يفرضه القانون والذي يقضي بعدم الأضرار بالغير([18]), والتساؤل الذي يثار حول أساس هذه المسؤولية؟ وبعبارة أخرى ما هو المبرر الذي من أجله يضع القانون عبء التعويض عن ذلك الضرر على عاتق الشخص المسؤول؟ ولبيان ذلك الأساس سوف نقسم هذا المطلب على فرعين: نتناول في الفرع الأول المسؤولية القائمة على أساس الخطأ, ونتناول في الفرع الثاني المسؤولية القائمة على أساس الضرر.
الفرع الأول // المسؤولية القائمة على أساس الخطأ..
ينبغي الرجوع إلى القوانين المدنية والبيئية رغم أن هناك قوانين ومنها القانون العراقي, لم يشير إلى أساس المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, إلا انه يمكن الاهتداء بأحكام المسؤولية التقصيرية عن الفعل الشخصي أو عن فعل الأشياء([19]), فتكون المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن قائمة على أساس الخطأ, إي أن ركن الخطأ هو عماد تلك المسؤولية, فإذا انتفى الخطأ لا يمكننا الحديث عن المسؤولية, لكن تطبيق هذه النظرية يؤدي إلى نتائج غير عادلة, لأن من المستحيل على المضرور إثبات الخطأ من جانب المسؤول لان في الغالب الأنشطة التي تقوم فيها السفن أثناء تواجدها في البحار مشروعة.لذلك تبنى القانون المسؤولية القائمة على أساس الخطأ المفترض سواء كان قابلا لإثبات العكس أم لا, فبالرجوع للقانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 وتعديلاته لا نجد نصا قانونيا ينظم المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, وان الاعتماد على المادة (231) من هذا القانون، نجدها تقف عند حد الخطأ المفروض القابل لإثبات العكس, إذ يستطيع من يوجد تحت تصرفه أشياء تحتاج إلى عناية خاصة أو أشياء ميكانيكية أن يتخلص من مسؤوليته عن الأضرار التي تنشأ منها متى ما اثبت انه اتخذ الحيطة الكافية لمنع وقوع الضرر, كما أن المشرع العراقي في قانون حماية وتحسين البيئة رقم (27) لسنة 2009, عدّ كل شخص مسؤولا عن الضرر البيئي سواء كان الفعل المسبب للضرر ناشئا عن فعله الشخصي أو إهماله، أو تقصيره, أو بفعل من هم تحت رعايته أو رقابته أو تحت سيطرته من الأشياء([20]) وجعل هذه المسؤولية قائمة على أساس الخطأ المفترض([21]).إلا إننا نرى أن هذه المسؤولية القائمة على أساس الخطأ المفترض غير كافية لتغطية الأضرار الناجمة عن التلوث بالوقود الزيتي للسفن, لأن اعتماد هذا الأساس يسمح للمسؤول عن الضرر إثبات السبب الأجنبي للتخلص من المسؤولية حتى لو نجح المضرور في إثبات الضرر الذي وقع عليه, ومن جانب أخر يكون من الصعوبة على المضرور إثبات الخطأ ولا سيما النشاط الذي تقوم به السفن نشاطاً مشروعاً, وبالتالي سوف يجد المضرور نفسه مجردا من الحماية, لذلك نرى ضرورة إقامة المسؤولية عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن على أساس الضرر دون الخطأ, والابتعاد عن المشاكل التي يثيرها مسألة إثبات الخطأ من جانب المسؤول عنه وخاصة في الأحوال التي يكون فيها النشاط مشروعاً, فالذي يستغل سفينة ويمارس نشاطا في مياه البحر يكون ملزما بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن التلوث بوقود السفن دون حاجة إلى البحث عن وجود أو عدم وجود خطأ, وهذا القول تدعمه الاتفاقية الدولية للمسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001, إذ يكون مالك السفينة مسؤولا عن أضرار التلوث الذي يسببه الوقود الزيتي الصادر من السفينة([22]).
الفرع الثاني // المسؤولية القائمة على أساس الضرر..
تبنت الدول مبدأ المسؤولية القائمة على الضرر دون الخطأ في أطار المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, ومنها الولايات المتحدة الأمريكية, التي كانت قبل صدور قانون التلوث بالزيت لسنة 1990 تقيم مسؤولية مالك السفينة على ثلاث نظريات يستطيع المضرور الرجوع بموجبها للمطالبة بالتعويض عن أضرار التلوث بالزيت التي تصيب ملكيته([23]). فالنظرية الأولى هي نظرية الإزعاج ومقتضى هذه النظرية أن على المضرور إثبات حدوث اعتداء جوهري على ملكيته, وترتكز هذه النظرية على أن الشخص يكون مسؤولا لما يولده بقيامة من النشاطات الخطرة من إمكانية إصابة الآخرين بأضرار نتيجة مباشرته هذه النشاطات. وقد انتقدت هذه النظرية كونها لا تقدم للمضرور حماية كافية, لان تطبيقها يرتهن بعوامل خارجية عن التسرب الزيتي ذاته, وبالتالي تنشئ تفرقة بين المضرورين اعتمادا على عوامل خارجية عن الفعل المؤدي لحصول التلوث ذاته, فمثلا وقوع تلوث في منطقة ما يمكن أن يكون داخل نطاق الإزعاج المبرر للتعويض كما انه حدوث حادثة تلوث في منطقة أخرى قد لا يعد إزعاج غير عادي أو جوهري([24]).النظرية الثانية نظرية التعدي ومقتضاها أن يحصل تعدي مباشر على ملكية المضرور ويتطلب من المضرور أن يثبت ذلك التعدي وتنتقد هذه النظرية لان الركون إليها يؤدي إلى ضياع الفرص على الكثير من المضرورين في المطالبة بالتعويض, لان أضرار التلوث بالزيت لا تقتصر على إحداث أضرار مباشرة بملكية المضرور, فمثلا محترفي صيد الأسماك لا يستطيعون المطالبة بالتعويض عما أصابهم من خسارة نتيجة لفوات الكسب, لان نظرية التعدي تتطلب حصول تعدي مباشر على ملكية المضرور, وبما أن محصول صيد السمك لا يكون ملك لهم إلا بعد تمام الحصول عليه, وبالتالي يخفقوا في دعواهم في الحصول على التعويض([25]). النظرية الثالثة هي نظرية الإهمال وهي من أهم النظريات التي يعتمد عليها المضرور للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بملكيته الخاصة, ولكي يستطيع المضرور الاستناد في دعواه المؤسسة على الإهمال يجب عليه أن يثبت وجود التزام ملقى على عاتق الشخص المسؤول عن السفينة ببذل العناية اللازمة لمنع تسرب الزيت وإخفاق هذا الشخص في تنفيذ هذا الالتزام هو السبب في وقوع الأضرار, هذه النظرية لا يمكن الاستناد عليها لحصول المضرور على التعويض لصعوبة إثبات تقاعس الشخص المسؤول عن اتخاذ العناية الواجبة لمنع تسرب الزيت, وكذلك صعوبة إثبات الرابطة السببية([26]). وبصدور قانون التلوث بالزيت لسنة 1990 المشرع الأمريكي , رفض الأخذ بالنظريات السابقة, فقد تبنى نظرية المسؤولية القائمة على أساس الضرر, فبمقتضى هذه النظرية يكون مالك السفينة مسؤولا عن أضرار التلوث دون حاجة لإثبات الإهمال أو الخطأ, ولاشك أن في ذلك حماية أكبر للمضرورين من التلوث فالمضرور لا يطالب بإثبات الخطأ من جانب المسؤول، وإنما يكفي حصول الضرر([27]), فقد نص قانون التلوث بالزيت الأمريكي على (….كل طرف مسؤول عن سفينة يتسرب منها أو ينشئ تهديداً جدياً بالتسرب في مياه البحر أو السواحل المتاخمة أو المنطقة الاقتصادية الخالصة يٌعدٌ مسؤولاً عن تكاليف الإزالة والأضرار التي تنتج عن حادثة التلوث)([28]), وبذلك النهج ساير قانون التلوث بالزيت الأمريكي لعام 1990 الإتفاقيات الدولية التي عالجت التلوث بالزيت في الأخذ بنظام المسؤولية بدون خطأ, وان لم تكن أمريكا من الدول التي انضمت إلي تلك الإتفاقيات. وتبنت كندا بموجب قانون المسؤولية البحري لسنة 2001, المسؤولية القائمة على الضرر دون الخطأ, إذ أن مالك السفينة مسؤول عن أضرار التلوث وتكاليف النفقات والتدابير الوقائية وما ينتج عنها من خسائر وأضرار دون الحاجة إلى إثبات وقوع خطأ أو إهمال([29]).
المطلب الثالث // التغطيـة الإجباريـة..
من المعالم الذاتية التي يتمتع بها القانون البحري, إنه يتضمن الكثير من الأنظمة الخاصة التي تساعد على إيجاد توازن بين الحاجة الجماعية إلى الإستثمار أو الإستغلال البحري والحاجة الفردية إلى دعم المستثمر البحري, والذي يتحمل جميع مخاطر الملاحة البحرية, ومن الوسائل الفنية لتحقيق ذلك التوازن هو اللجوء إلى التأمين البحري وهذا ما يطلق عليه بالتغطية الإجبارية، أو التأمين الإجباري, أو الضمان المالي, الذي بموجبه يتم تخفيف عبء المخاطر التي يتحملها المستثمر، أو المسؤول عن الضرر من خلال توزيعه على أكبر عدد من الأشخاص ومن أسس التأمين كما هو معلوم أن يكون الخطر قابلاً للقياس الفني([30]), وهذا ما يتحقق بلا شك من خلال وجود حدود قصوى للتعويض يتحملها المسؤول عن الضرر وهذا ما يحقق التوازن بين مصلحة المضرور والمسؤول عن الضرر، ويقصد بذلك تحديد مسؤولية المسؤول عن الضرر([31]).وسوف نحاول بيان كلا من التامين الإجباري أو الضمان المالي وتحديد المسؤولية في فرعين, نتناول في الفرع الاول التأمين أو الضمان المالي, ونتناول في الفرع الثاني تحديد المسؤولية.
الفرع الأول // التأمين الإجباري أو الضمان المالي ..
أن ما أحدثه التطور الصناعي والتكنولوجي وما صاحب ذلك من توسع للآلات في شتى مظاهر الحياة, ومع هذا التوسع التكنولوجي وظهور الإنتاج الكبير, أزدادت المخاطر والحوادث الناجمة عنه وبدأت أعداد المضرورين من تلك المخاطر تتسع, ولذلك بدأت الأنظار تتجه صوب التخفيف عن المضرورين وتوفير حماية أكبر الأمر الذي جعل أصحاب النشاطات الصناعية والتجارية وأصحاب رؤوس الأموال التفكير في وسيلة لتخفيف هذا العبء عن عاتقهم تخفيفا لمسؤوليتهم ورعاية وحماية لمصلحة المضرور وبذلك عرف نظام التأمين, الذي بدأ على شكل جمعيات تعاونية تبادلية للتأمين، ثم بعد ذلك تطور الأمر وظهرت شركات التأمين التي عرفت بتنظيمها المتطور والمتقدم وبذلك أخذت أعباء التعويضات تنتقل من عاتق المسؤول إلى عاتق المؤمن([32]). فالتأمين ضد أخطار تلوث البيئة البحرية هو من أساليب حماية المضرور والبيئة على حد سواء لان المؤمن لديه شركة تامين تكون مليئة مالياً, إذ لها القدرة على تغطية المبالغ التي يحكم بها للمضرور(المؤمن له), ومن جهة أخرى التأمين ضد أخطار التلوث يبعث في نفس مالك السفينة الأمان والاطمئنان لوجود شخص مليء يحل محله في حالة تعرضه للإعسار وبذلك يحقق التأمين منفعة مزدوجة لكل من المضرور والمسؤول عن الضرر([33])، كما أن مالك السفينة يمكنه أن يستعيض عن التأمين الإجباري بأي ضمان مالي سواء كفالة مصرفية، أو شهادة ممنوحة من صندوق تعويض دولي([34]). ويثار التساؤل حول ما إذا كان التلوث بوقود السفن الزيتي من الحوادث التي يكون لمالك السفينة القيام بتغطية الأضرار الناجمة عنها؟ حوادث التلوث بالوقود الزيتي للسفن من الحوادث التي يغلب أن تكون جسيمة, وهذا ما ينعكس على مبالغ التعويض التي يحكم بها كما أن إعسار مالك السفينة أمر محتمل الوقوع الأمر الذي يؤدي إلى ضياع حق المضرور في الحصول على التعويض, فالتغطية الإجبارية في مجال التلوث بالوقود الزيتي لها أهمية كبيرة في إسترداد تكاليف إزالة الوقود الزيتي والإجراءات الوقائية التي تتخذ لمنع وقوع الأضرار نتيجة تسرب الوقود الزيتي وفي هذا الشأن واجهت وزارة النقل وهيئة الميناء الإسكتلندية صعوبات في استرجاع تعويضات تلك الإجراءات, وذلك لعدم تمتع السفينة بتغطية تأمينية من نوادي الحماية والتأمين, عندما جنحت السفينة الروسية(poinersk)والتي كانت مخصصة لنقل السمك في (13/ أكتوبر/ 1994) بالقرب من “Lerwick” في اسكتلندا على اثر عاصفة, وقد أدت الحادثة إلى تسرب وقودها الزيتي والذي يبلغ(1100) طن([35]).ويستطيع المسؤول عن التلوث بالوقود الزيتي أن يقوم بالتأمين الإجباري إما عن طريق التأمين بالقسط الثابت من خلال اللجوء إلى شركات التأمين التجاري التي تقوم بخدمة التغطية مقابل إقساط ثابتة, أو يكون التأمين تعاونياً من خلال اللجوء إلى نوادي الحماية والتعويض التي ينشئها مشغلي السفن فيما بينهم لتغطية بعضهم بعض تبادليا, للتغلب على رفض شركات التامين التجارية تغطية ما يتعرض له مالك السفينة من أخطار([36]).فقد أوجبت الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001في المادة (7/1) على المالك المسجل لسفينة مسجلة في دولة طرف في الإتفاقية إذا كانت حمولة السفينة تزيد على (1000) طن أن يكتتب في تأمين أو ضمان مالي أخر, فالاتفاقية من جهة لم تنشئ صندوقاً جديداً للتعويضات, رغم أن عددا من الدول كان يميل لإنشاء صندوق خاص بالمسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, يتم تمويله من قبل ملاك السفن, وقد عارض هذا الاتجاه قطاعات ملاك السفن, كما أن الاتفاقية من جهة أخرى حددت السفن التي تلزم بالتغطية الإجبارية من خلال تحديد حمولتها البالغة 1000طن([37]).كما أن الإتفاقية سمحت لمالك السفينة أن يقدم ضمانا ماليا بدل التامين وهذا يفهم من المادة (7/1) عندما أوجبت على مالك السفينة المسجل التامين أو الضمان المالي, والضمان المالي ممكن أن يكون شهادة من صندوق تعويض دولي وهذا يفهم من عبارة (….أو من مؤسسة مالية….), كما أن إلزام مالك السفينة التي تزيد حمولتها عن (1000) طن فقط خضوعه للتغطية الإجبارية, هذا يعني استبعاد السفن التي تكون حمولتها (1000) طن والسفن التي تكون حمولتها اقل من (1000) طن, وننتقد الإتفاقية في تبنيها لسقف التغطية الإجبارية, لان التلوث الصادر من السفن التي تقل حمولتها عن الحد الذي قررته, لا تقل خطورة عن السفن التي تزيد حمولتها الإجمالية عن (1000) طن. أما فيما يتعلق بالقوانين الوطنية وإلزامية التغطية الإجبارية ضد مخاطر التلوث بالوقود الزيتي للسفن, لم ينص المشرع العراقي في قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009 على إلزامية التامين أو الضمان المالي ضد أخطار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, ويعد موقف المشرع العراقي في هذا الشأن موقفا سلبياً, ونقترح ان ينص على انه (يجب على مالك السفينة التي تبلغ حمولتها (300) طن فأكثر والمسجلة في الجمهورية العراقية, أن يكتتب في تأمين أو ضمان مالي اخر, لتغطية مسؤوليته عن أضرار التلوث بمبلغ يعادل مبلغ الحد الاقصى لمسؤوليته طبقاً للقانون) أما قانون التلوث بالزيت الأمريكي لسنة 1990 فرض وبموجب المادة (2716/أ/1) على مالك السفينة أن يقدم ضماناً مالياً كافياً يضمن الوفاء بمبلغ التأمين المحكوم به, سواء كان عن طريق التأمين، أو كفالة مصرفية، أو خطاب ضمان بالنسبة للسفن التي تزيد حمولتها عن (300) طن, لتغطية تكاليف الإزالة والأضرار, واشترط هذا القانون الاحتفاظ بشهادة الضمان التي تعد شرطاً أساسياً لدخول الموانئ الأمريكية([38]). المشرع الكندي في قانون المسؤولية البحرية لسنة 2001 اتبع نهج الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتيلسنة 2001, فقد نص في المادة (48) على إلزامية التامين أو الضمان المالي, وبذلك يكون القانون الأمريكي وفر حماية أكثر مما توفره .
الفرع الثاني // تحديد المسؤولية..
إذا كنا قد توصلنا إلى أن مسؤولية مالك السفينة هي مسؤولية قائمة على أساس الضرر, إذ أن المضرور لا يكلف بإثبات خطأ المسؤول عن حادث التلوث ووجود مبدأ تحديد مسؤولية المسؤول عن الضرر يحقق التوازن بين مصلحة المضرور والمسؤول عن الضرر, فمن حق المسؤول الذي يوفر تامين أو ضمان مالي أن يحدد من مسؤوليته بموجب نظام وطني أو دولي واجب الإنطباق .وقد تبنت الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتيلسنة 2001, مبدأ تحديد مسؤولية المالك في المادة (6), فقد أشارت إلى حق المسؤول الذي يوفر تأمين أو ضمان مالي من تحديد مسؤوليته بموجب نظام وطني أو دولي واجب الانطباق, كما أن المجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض وجمعية القانون البحري الإنكليزية قد تنبهت إلى افتراض التطابق بين تحديد المسؤولية عن التلوث بوقود السفن الزيتي وتحديد المسؤولية عن الديون البحرية بموجب اتفاقية تحديد المسؤولية لسنة 1976، وليس صحيح في كل الأحوال، لأن اتفاقية تحديد المسؤولية نصت على تحديد المسؤولية عن الهلاك والتلف, أما التلوث بالوقود الزيتي للسفن لا يتعلق بهلاك أو تلف الأموال ([39]), وهناك من يرى انه من الممكن التغلب على هذه المشكلة([40]) من خلال تبني تفسير آخر للإحالة, وذلك من خلال قصر الإحالة على تحديد رقم الحد الأقصى للتعويض دون أن تكون لبقية النصوص الواردة في إتفاقية تحديد المسؤولية دخل في شأن مدى الأضرار التي تخضع للتعويض, التي يرجع في شأنها إلى الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي.ونرى انه على الرغم من أن إتفاقية حدود المسؤولية استبعدت من نطاق تطبيقها أضرار التلوث بالمحروقات بموجب نص المادة (3) التي حظرت تحديد المسؤولية عن الديون الناشئة عن أضرار التلوث بالمحروقات, بالمعنى الوارد في إتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط لسنة 1969 وبروتوكول 1992 المعدل لها, إلا أنها لم تنص على استبعاد أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن وإزاء سكوت الإتفاقية يمكن التسليم بالإحالة الواردة في الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتيلسنة 2001 لتحديد مسؤولية مالك السفينة. أما فيما يتعلق بالقوانين الوطنية فالمشرع العراقي لم ينظم مبدأ تحديد مسؤولية مالك السفينة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن.أما قانون التلوث بالزيت الأمريكي فقد وضع حدودا قصوى للتعويض المالي الذي يلزم به المسؤول عن التلوث بالزيت, فقد حدد في المادة (2704/1) مبلغ التعويض عن مصروفات وتعويضات إزالة التلوث بمبلغ (950) دولار عن الطن الواحد من الحمولة الإجمالية للسفن العادية أو بمبلغ (800000) دولار أيهما اكبر وبذلك يكون القانون الأمريكي تفوق على الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي في تحديد الحد الأقصى لتحديد مسؤولية المالك بدلا من تركها بلا تحديد, مما يؤدي إلى تعدد حدود المسؤولية ولاسيما أن الإتفاقية احالة مسألة تحديد المسؤولية إلى القوانين الوطنية أو وفقاً للإتفاقية تحديد المسؤولية.أما قانون المسؤولية البحرية الكندي لسنة 2001, فقد اتبع النهج الذي سارت عليه الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتيفيما يتعلق بتحديد مسؤولية مالك السفينة دون أن يحدد مبلغ الحد الأقصى للتعويض, وإنما أحال الأمر إلى إتفاقية حدود المسؤولية لسنة 1976وتعديلاتها.
المبحث الثاني // أركان المسؤوليـة المدنيـة الناشئـة عن أضرار التلوث..
المسؤولية المدنية طبقا للقواعد العامة, تتألف من ثلاثة أركان هي الخطأ والضرر والعلاقة السببية وفي مجال المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن يختفي عنصر الخطأ نهائيا عند انعقادها, فالمسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن تخرج عن الأصل العام في تكوين أركانها, وهي حادثة التلوث والضرر والعلاقة السببية بين حادثة التلوث والضرر الذي ينشئ عن الحادثة, وسوف نتناول هذه أركان في ثلاثة مطالب, نتناول في المطلب الأول حادثة التلوث, ونتناول في المطلب الثاني الضرر الناشئ عن الحادثة ونتناول في المطلب الثالث العلاقة السببية.
المطلب الأول// حادثة التلوث بالوقود الزيتي ..
المسؤولية المدنية طبقا للقواعد العامة, تتألف من ثلاثة أركان هي الخطأ والضرر والعلاقة السببية, وفي مجال المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي يختفي عنصر الخطأ نهائيا عند انعقادها([41]) فالمسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن تخرج عن الأصل العام في تكوين أركانها, وهي حادثة التلوث والضرر والعلاقة السببية بين حادثة التلوث والضرر الذي ينشئ عن الحادثة, وسوف نتناول تلك الشروط في ثلاث فروع.
الفرع الأول // السفينـة مصدر التلوث ..
للقول بوجود حادثة تلوث بحري نجم عن تسرب أو تصريف للوقود الزيتي يقتضي وجود سفينة, فما المقصود بالسفينة؟ ومتى تكتسب هذا الوصف, وهل يندرج الحطام البحري تحت وصف السفينة؟للسفينة مفهومان المفهوم الضيق الذي جاءت به إتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط لسنة 1969(بأنها منشأه أو أداة بحرية أياً ما كانت تنقل فعلا المحروقات سائبة كبضاعة)([42]), يبدو الإتفاقية جعلت الضابط حمولة السفينة وليس هيكلها في وصف السفينة, فقد اتجهت لناقلات البترول دون غيرها([43]), وبعبارة أخرى أن الإتفاقية تنطبق على التلوث الناشئ من السفن التي تحمل فعلا شحنة بترول لحظة وقوع الحادث, فوصف السفينة يضفى على المنشأة البحرية المخصصة لنقل البترول فقط, وقد عرف بروتوكول 1992المعدل لاتفاقية المسؤولية المدنية عن التلوث بالنفط لسنة 1969 السفينة بأنها, ( أي منشأه أو أداة بحرية من أي نوع كانت تبنى أو تهيئ لنقل المحروقات سائبة كبضاعة)([44]), البروتوكول نص أيضا على ناقلات البترول فقط, إلا انه توسع قليلا فلم يشترط أن تحمل الأداة البحرية البترول كشحنة وقت وقوع الحادث أي امتد إلى ناقلات البترول الفارغة عند عودتها فارغة.وهذا يعيد إلى الأذهان أن واضعي بروتوكول 1992 قد تأثروا بحادثة (Olympic. Bravery) في (13/ مارس/ 1976), التي كشفت من خلالها عيوب نظام إتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط لسنة 1969, وتتلخص وقائع حادثة (Olympic. Bravery) حيث أن الناقلة كانت تحمل علماً ليبيرياً وكانت تبحر فارغة عندما انطلق نظام صمام الأمان الشامل لها ليوقف جميع أجهزة الدفع والتسيير, وعلى الرغم من تدخل المهندسين الميكانيكيين لم تفقد الناقلة سرعتها وبسبب الرياح تحول مجراها واتجهت نحو الساحل, مما أدى إلى جنوحها وتحطم السفينة وتسرب وقودها الزيتي إلى البحر بالكامل والذي كان يبلغ 1200طن, وقد طلبت السلطات الفرنسية من شركة الإنقاذ الهولندية التدخل, إلا أنها لم تتمكن من التدخل، لان عمل الغواصين كان محفوفا بالمخاطر نتيجة حالة البحر, وقد تبين من وقائع تلك الحادثة وجود تباطء من السلطات الفرنسية, فقد كان بإمكانها أن تتدخل وتمنع تسرب الوقود الزيتي للسفينة من خزانات الوقود, إلا أن السلطات الفرنسية تباطأت، لأنها خشية من عدم استرداد تكاليف الإجراءات التي تتخذ لمنع تسرب الوقود, كما أن المجهز لم يشعر بالمسؤولية القانونية الحقيقية، لأن إتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالزيت لسنة 1969 لا تنطبق على التعويضات الناشئة عن الحادثة, لان الناقلة كانت تبحر فارغة دون حمولة في حين الإتفاقية تتطلب لانطباقها على حادثة التلوث أن تحمل السفينة البترول كشحنة على متنها وقت وقوع الحادث([45]), وإزاء هذا النقص التشريعي قامت المنظمة البحرية الدولية بتعديل الإتفاقية بموجب بروتوكول 1992 الذي يقضي بتغطية أضرار التلوث التي تنشئ من وقود ناقلات البترول عندما تبحر فارغة أثناء عودتها من الرحلة.من ذلك يمكننا القول أن إتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط لسنة 1969 وبروتوكول1992 المعدل لها, لا تنطبق إلا على ناقلات البترول سواء كانت تحمل الشحنة وقت وقوع الحادث، أو كانت فارغة دون السفن الأخرى, مثل سفن نقل الركاب، والسفن السياحية، وسفن نقل البضائع.أما المفهوم الواسع للسفينة فقد جاءت به الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001, فقد نصت المادة (1/1) بأنها (أي مركب صالح للملاحة البحرية وأية مركبة عائمة في البحر من أي نوع كان), هذا ما جاء به النص العربي للاتفاقية, في حين النص الانكليزي للإتفاقية فقد كانت ترجمته (أي منشأه بحرية أو أداة بحرية أيا ما كانت)([46]), ومن خلال التدقيق في النصين العربي والإنكليزي نجد أن النص الانكليزي هو الأقرب لوصف الأداة البحرية, بأنها سفينة، لأن لفظ مركب يطلق على الأداة الملاحة النهرية الداخلية(([47], في حين الأداة البحرية تكتسب وصف السفينة عندما تكون معدة للعمل في الملاحة البحرية بصرف النظر عن شكلها وحمولتها([48]), فالإتفاقية تبنت مفهوماً واسعاً للسفينة، فلا تقتصر الأداة البحرية على ناقلات البترول, وإنما شملت جميع أنواع السفن وآيا كان الأمر أن هذه الاتفاقية جاءت لتسد فراغاً تشريعياً دام ثلاثون عاماً في معالجة المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالوقود التشغيلي للسفن, وحصول المضرور على التعويض دون أن يكلف بإثبات الضرر كما هو الحال في القواعد العامة للمسؤولية المدنية وبالرجوع إلى القوانين الوطنية نجد أن قانون التجارة البحري العثماني لسنة 1863 لم يورد تعريفا للسفينة([49]),أما قانون الموانئ العراقي رقم (21) لسنة 1995في المادة (1/10) عرف السفينة, بأنها (الوحدة العائمة التي تعد أولا أو تخصص للملاحة البحرية على وجه الخصوص)([50]), أما في قانون حماية وتحسين البيئة رقم (27) لسنة 2009 لا نجد في الفرع الخاص بحماية المياه تعريفا للسفينة.أما قانون التلوث بالزيت الأمريكي لسنة 1990 المعدل, فقد تبنى تعريفا واسعا للسفينة, فقد نص على أن السفينة هي (أي نوع من المنشأة البحرية أو أداة صناعية تستخدم أو يمكن أن تستخدم كوسيلة نقل في المياه وغيرها من السفن العامة)([51]), طبقاً لهذا النص أن تعريف السفينة يتسع ليشمل كافة أنواع السفن بما فيها السفن العامة([52]), فيدخل في نطاق التعريف ناقلات البترول المحملة والفارغة وسفن نقل البضائع بأنواعها وسفن نقل الركاب والسفن السياحية فكل هذه السفن, إذا ما نشأ تلوث بسبب تسرب وقودها الزيتي أو بسبب تسرب أو تصريف شحنتها تخضع للمسؤولية والتعويض عن الأضرار لقانون التلوث بالزيت الأمريكي.أما قانون المسؤولية البحرية الكندي لسنة 2001 المعدل, فقد عرف السفينة (بأنها أي سفينة مصممة يمكن استخدامها كليا أو جزئيا في الملاحة البحرية دون النظر إلى أسلوبها في الدفع, وتشمل أي سفينة صالحة للملاحة والسفن التي دمرت وغرقت)([53]), ونحن نرجح التعرف الذي نص عليه القانون الكندي إذ شمل جميع أنواع السفن بما فيها السفن غير الصالحة للملاحة والتي تعرف بالحطام البحري([54]), في حين الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي, لم تنص على السفن التي غير صالحة للملاحة ويمكن تفسير عدم النص عن الحطام البحري باحتمالين, إما أن الإتفاقية استبعدت الحطام البحري من نطاقها كونه لا ينطبق عليه وصف السفينة التي نصت عليه الإتفاقية, كون الحطام البحري فقد صلاحيته للملاحة البحرية فلا يعد سفينة لأغراض الإتفاقية, والاحتمال الأخر هو الاستناد إلى تعريف الحادثة التي سببت التلوث وبالتالي تنطبق الإتفاقية على ضرر التلوث الناجم من تسرب الوقود من الحطام على اعتبار أن التسرب مصدره الواقعة التي تسببت بغرق السفينة, وهناك من يرى([55]) أن الإتفاقية اشترطت لكي تكون الأداة البحرية سفينة أن تكون صالحة للملاحة البحرية, بغض النظر عما ستؤول إليه عند تعرضها إلى حادث يؤدي إلى غرقها فيجب أن يؤخذ ينظر الاعتبار العلاقة السببية بين الحادث الذي أدى إلى صيرورة السفينة حطام وضرر التلوث الذي نشأ نتيجة تسرب الوقود فإذا كانت العلاقة السببية مباشرة فلا مناص من أن تنطبق أحكام الإتفاقية على الضرر الناشئ, أما إذا انقطعت العلاقة السببية بين الحادث وصيرورة السفينة حطام وضرر التلوث الذي نشأ عن تسرب وقودها الزيتي فلا تنطبق عليه الإتفاقية, كأن تتعرض السفينة إلى حادث تصادم أو جنوح وتغرق في قاع البحر وتتحول إلى حطام دون أن يتسرب وقودها الزيتي, وتبقى السفينة في قاع البحر لمدة عشر سنوات أو أكثر وبفعل عوامل التعرية والصدأ تتآكل خزانات الوقود ويتسرب وقودها الزيتي, ففي مثل هذه الحالة لا يمكن القول أن الحادثة التي تعرضت لها السفينة للغرق وأدت إلى صيرورتها حطام هي التي تسببت في حدوث ضرر التلوث, وبالتالي لا يمكن للمضرور المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي أصابته, لأن السفينة تحولت إلى حطام بفقدها وصف صلاحيتها للملاحة.ونرى أن الأداة البحرية عندما تحولت إلى حطام خرجت من كونها سفينة بالمعنى التي نصت عليه الإتفاقية فقد أشترطت الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 أن تكون الأداة البحرية صالحة للملاحة لكي تكتسب وصف السفينة[56], وكذلك القوانين الوطنية ومن هذه القوانين, القانون العراقي والأمريكي, اشترطت في الأداة البحرية لكي تكتسب وصف السفينة أن تكون مخصصة وصالحة للملاحة البحرية.
الفرع الثاني // الوقود الزيتي للسفينة ..
يعد الوقود الزيتي للسفينة هو الشرط الثاني من شروط حادثة التلوث البحري, فما المقصود بالوقود الزيتي؟ وما هي أنواع الوقود؟ وأي الأنواع التي نصت عليها الإتفاقية والقوانين الوطنية؟ وهل يختلف موقف القوانين الوطنية عن ما جاءت به الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة2001, وما هي الخصائص التي يتميز بها الوقود الزيتي لجعله أكثر خطورة من بقية أنواع الوقود؟ ويعد الوقود الزيتي للسفن هو الجزء الذي يتم الحصول عليه من بقايا عملية التقطير, وهو احد المنتجات البترولية السائلة, ويتكون من عنصرين هما الكربون والهدروجين والجمع بين هذين العنصرين يطلق عليه الهيدروكربونية, وهو أثقل أنواع الوقود ويستخدم كوقود للسفن ويعرف بالديزل([57]), وقد عرفته الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 بأنه (أي زيت معدني هيدروكربوني يشمل زيت التزيق المستخدم أو المنوي إستخدامه لتشغيل السفينة أو دفعها و أي مخلفات من هذه الزيوت)[58], مما يلاحظ أن الإتفاقية استبعدت بقية أنواع الوقود كالغاز المسال والنفط والبنزين والطاقة النووية من نطاقها واقتصرت على الوقود الزيتي الصادر من خزانات الوقود.ويبدو طبيعيا التساؤل عن أنواع الوقود التي تبنتها الإتفاقية, إذ أنها فرقت بين نوعين من أنواع الوقود, هما نواتج التقطير والتي تكون أخف وزناً كالغاز والبنزين والوقود المتبقي من عملية التقطير والذي يمتاز بكونه أكثر كثافةً وأثقل من النوع الأول للوقود فالإتفاقية أخضعت النوع الثاني لأحكامها دون النوع الأول, كما أنها من جهة أخرى استبعد أنواع الوقود التي تشغل السفن كالغاز والطاقة النووية والبنزين, بوصفها طاقة محركة للسفن, وهناك من يرى أن استبعاد هذه الأنواع من الوقود كان في محلة([59]) لان أضرار التلوث الناتجة عن بقايا عملية التقطير تمتاز بسمية سريعة وفورية إضافة إلى الآثار الخطرة التي تظهر على المدى البعيد.ونرى إن الخطورة التي يسببها الوقود الزيتي وزيوت التشحيم ومخلفاتها هي بسبب ما يتمتع به الوقود الزيتي من خصائص تكسبه تلك الخطورة سواء على المدى القريب، أو المدى البعيد, ومن هذه الخصائص قابليته على الإنتشار على سطح البحر بصورة سريعة على كيلومترات عدة خلال ساعات قليلة, ومئات الكيلومترات في غضون أيام قليلة نتيجة الرياح وحركة الأمواج وأضطراب المياه ملوثا أكبر مساحة ممكنة, إضافة إلى تفاعله مع المياه مكونا طبقة على سطح الماء تمنع دخول الأوكسجين إلى الكائنات البحرية, مما يؤدي إلى هلاكها وفي حالة نجاتها من الهلاك, فأنها تصبح غير صالحة للإستهلاك البشري، كونها تصبح سامه في أفضل الأحوال وتؤدي إلى إصابة الإنسان بالأمراض السرطانية, وأمراض الربو, وألتهاب الكليتان, وبمرور الوقت تتحول هذه الطبقة إلى مستحلب يطفو فوق سطح الماء ومما يزيد الخطورة التصاق القاذورات به, مما يؤدي إلى هبوط المستحلب إلى قاع البحر محملاً بالمواد السامة التي تؤثر على الكائنات البحرية, كما أن الوقود الزيتي تكون درجة لزوجته عالية مما يصعب إزالته من المياه, كما أنه وبسبب لزوجته العالية يتعارض مع المشتتات المستخدمة لتفريق بقع الزيت ولا يختلف زيت التشحيم عن زيت الوقود التشغيلي من حيث الخطورة والآثار السلبية التي تسببها للبيئة والكائنات الحية والإنسان([60]), إضافة إلى أَنبعاث الغازات من الوقود الزيتي من عوادم السفن التي تسبب أمراض الجهاز التنفسي وتدهور البيئة البحرية والأمطار الحمضية([61]).أما قانون التلوث بالزيت الأمريكي لسنة1990 لم يفرق بين أنواع الوقود, وإنما وضع تعريفا عاما للنفط في المادة (2701/23), شمل به كافة أنواع الوقود سواء الوقود الخفيف والوقود الثقيل وزيوت التشحيم ومخلفات، هذه الزيوت وهذه نقطة أختلاف بين الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001والقانون الأمريكي فالإتفاقية أخضعت الوقود الزيتي التشغيلي لأحكامها دون بقية أنواع الوقود الخفيفة, بينما القانون الأمريكي اخضع كافة أنواع الوقود لأحكامه, إلا انه اشترط شرطا واحداً وهو إلا تكون أحد أنواع الزيوت مما يشكل مادة خطرة وذلك منعا من حدوث تنازع بين قانون التلوث بالزيت والقانون الذي يحكم التلوث بالمواد الخطرة([62]), أما قانون المسؤولية البحرية الكندي لعام 2001 مطابق لما جاءت به الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001, إذ أقتصر على الوقود التشغيلي وزيت التشحيم ومخلفاتها دون بقية أنواع الوقود([63]).
الفرع الثالث // الواقعة المسببة للتلوث ..
لكي تكتمل شروط الحادثة البحرية بوقود السفن الزيتي يلزم أن تتعرض السفينة إلى واقعة مادية, فما المقصود بالواقعة المادية؟ الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 عبرت عن الواقعة المسببة للتلوث بأنها, (أي واقعة أو سلسلة وقائع ذات منشأ واحد تسبب أضرار التلوث أو تسفر عن تهديد جسيم وداهم بتسبب هذه الأضرار)[64], مما يلاحظ على نص الإتفاقية أنها أخذت بمبدأ وحدة الواقعة, فقد أشترط وحدة المصدر عندما تقع سلسلة من الأحداث التي تؤدي إلى حادثة التلوث, كأن تتعرض السفينة إلى حادث جنوح مما يؤدي إلى تسرب جزء من وقودها الزيتي, وبسبب جنوحها تصطدم بسفينة أخرى أو بأحد الحواجز مما يتسرب وقودها الزيتي وتتسبب بحادثة تلوث أخرى فنكون أمام سلسلة من التسربات منشئها مصدر واحد هو جنوح السفينة الذي أدى إلى التصادم فنكون أمام حادث واحد, من جهة أخرى أمتد نطاق الإتفاقية إلى حالات التهديد بالتلوث بالوقود الزيتي للسفن فأن الاتفاقية تغطي الإجراءات التي تسبق حدوث تسرب أو تفريغ فعلي لوقود السفينة بشرط أن يكون هناك تهديد جسيم بحصول أضرار فقد أوردت الإتفاقية عبارة (تهديد جسيم وداهم), ويبدو لنا أن المقصود بذلك أن يكون هناك تهديد جسيم بحدوث تلوث, وبالتالي التسبب بالأضرار أن تكون الفترة الزمنية بحدوث التلوث ليست طويلة, وبعبارة أخرى أن يكون على وشك الحصول. ونرى أن ترجمة النص الانكليزي الرسمي أكثر وضوحا ودقة من النص العربي الرسمي وكانت ترجمة النص الانكليزي كالآتي (……والذي يسبب الضرر الناجم عن التلوث أو يخلق تهديد خطير وشيك بتسبب هذا الضرر)([65]). ومما يلاحظ أن الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001([66]), توسعت عن ما جاءت به إتفاقية المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالنفط لسنة1969([67]), إذ أن الأخيرة اقتصرت على حالة التسرب أو الإلقاء الفعلي للزيت والذي ينجم عنه تلوث, فلا تسري الاتفاقية على حالة التهديد بتسرب الزيت من أحواض ناقلات البترول, فأن تكاليف الإجراءات التي يمكن إتخاذها لمنع تسرب الزيت غير قابلة للتعويض طبقا للإتفاقية, فهذه الأخيرة تشترط لتعويض هذه التكاليف أن تكون الإجراءات الوقائية قد إتخذت بعد حدوث الواقعة المادية, أي بعد وقوع التسرب الفعلي الذي ينتج عنه التلوث, وقد بدأ ذلك واضحاً من الناحية العملية عند وقوع حادثة ناقلة البترول (تاربن باك) ( في (21/ يونيو/ 1979), فقد كانت ناقلة البترول الألمانية تنقل حوالي (1600) طن من زيت التشحيم عندما اصطدمت بإحدى سفن الأسطول البريطاني المساعدة بالقرب من السواحل الانجليزية, مما أدى إلى جنوحها وقد تم سحبها وأجريت عملية ضخ وقودها الزيتي ليتم تعويمها، وبينما كان مالك السفينة يتولى القيام بعمليات الضخ والتعويم قامت الحكومة الأنجليزية وبعض السلطات المحلية بإتخاذ عدة إجراءات بهدف تفادي تسرب الزيت من السفينة, والذي كان من الممكن أن يؤدي إلى تلوث السواحل والبيئة البحرية, وقد أسفرت هذه العمليات وتلك الإجراءات عن تكلفة إجمالية قدرت بحوالي (1,588,670) جنية إسترليني وهو مبلغ يتعدى حدود مسؤولية مالك السفينة طبقا لاتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط لسنة 1969 الأمر الذي حدا بحكومة المملكة المتحدة والسلطات المحلية ومالك السفينة إلى مطالبة صندوق 1971 بالتعويض عن هذه التكاليف, وقد رفض مدير الصندوق هذه المطالبات مؤكداً أن الصندوق غير مسؤول عن دفع أي تعويض, إلا إذا حدث تسرب للمحروقات الثقيلة أثر الحادث وعلى أساس تحقيق أجراه خبراء الصندوق قدر مدير الصندوق أنه لا توجد أدلة كافية تشير إلى تسرب أي محروقات ثقيلة من الناقلة أثر الحادث, مما يعني عدم أنطباق كل من إتفاقيتي المسؤولية لسنة 1969 وإتفاقية صندوق التعويضات لسنة 1971, وكان لوقوع حوادث مشابهه لحادثة )تاربن باك ) الأثر الأكبر في الكشف عن أوجه النقص في اتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط لسنة 1969, المتمثل بعدم أمتداد نطاق الإتفاقية إلى الفترة التي تسبق حدوث تسرب أو إلقاء فعلي للزيت من السفينة, ولذلك فأن اتفاق سريع قد تحقق أثناء التحضير لتعديل إتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط لسنة 1969حول التوسع في تعريف الواقعة المنشئة للتلوث ليشمل حالات التهديد به, وتم تعديل الاتفاقية بموجب بروتوكول 1992, إذ أصبح تعريف الواقعة المسببة للتلوث بموجب المادة(2/4) منه أنها (كل حدث أو سلسلة أحداث لها نفس المصدر ينتج عنها تلوث أو تنشئ تهديد جسيم ومحدق به)([68]).أما الوضع في قانون التلوث بالزيت الأمريكي يبدو أن المشرع الأمريكي ذهب إلى ابعد من ما ذهبت إليه اتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط وبروتوكول1992 المعدل لها, وكذلك الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001, إذ نص على أن الواقعة (تعني حدث أو سلسلة أحداث لها نفس المنشأ, التي تنطوي على واحدة أو أكثر من السفن مما يؤدي إلى تفريغ الزيت أو أي مزيج زيتي أو تهديد جدي به )([69]), فقد اشترطت الاتفاقية أن يكون تهديد جسيم بحصول التلوث نتيجة تسرب وقود السفينة بسبب الحادثة أو سلسلة الحوادث, فلا تغطي الاتفاقية سوى التهديد الجسيم, بينما قانون التلوث بالزيت الأمريكي لم يشترط أن يكون التهديد جسيم لخضوعه لإحكامه, وذلك لمنع أي تلوث قد يؤدي إلى وقوع أضرار. أما قانون المسؤولية البحرية الكندي لسنة2001, فقد كان تعريف الواقعة المنشئة لأضرار التلوث بالوقود الزيتي مطابقا لما جاءت به الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001, فقد نص على الإجراءات التي تتخذ في حالة حصول تسرب فعلي لوقود السفينة والإجراءات التي تتخذ في حدوث تهديد جسيم يتسبب بأضرار التلوث([70]). ويبدو أن القانون الأمريكي للتلوث بالزيت كان أكثر حماية ورعاية للمضرورين وأكثر شدة اتجاه المسؤول عن الضرر, أكثر مما عليه الحال في الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 وقانون المسؤولية البحرية الكندي.ولابد من بيان الواقعة المسببة للتلوث وفقا للاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 من ناحيتين: الأولى واقعة التلوث من حيث إرادية وقوعها, والناحية الثانية واقعة التلوث من حيث حقيقة وقوعها, فمن حيث إرادية وقوعها نجد أن الاتفاقية نصت بصورة صريحة على تغطية المسؤولية المدنية الناتجة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن سواء أخذت الواقعة المادية صورة تسرب أو تصريف, فقد نصت المادة (1/9) عندما تعرضت لتعريف أضرار التلوث بقولها وتعني أضرار التلوث (الخسائر و الأضرار الواقعة خارج السفينة من جراء تلوث نجم عن تسرب أو تصريف وقود السفينة …..), وعلى الرغم من الاتفاقية لم تعطِ مفهوما للمقصود من التسرب أو التصريف, إلا انه يبدو واضحا من صراحة اللفظ أن حادثة التلوث يمكن أن تكون إرادية وذلك هو التصريف, وقد تكون غير إرادية وذلك هو التسرب الذي ينجم عندما تتعرض السفينة لحادثة جنوح أو تصادم أو نتيجة خطأ في عمليات تزويد السفن بالوقود في الميناء([71]), كما حصل في ميناء (Vancouver) الكندي في (4/ يوليو/ 2006), إذ كانت ترسو سفينة البضائع (MV) اندريه لتلقي زيت الوقود الثقيل (التشغيلي) من بارجة النقل PT25)), وأثناء عملية التزويد بالوقود أمتلأت خزانات الوقود تماماً بالوقود مما أدى إلى إنسكاب ما يقارب ((14,000 لتر من زيت الوقود الثقيل إلى الميناء مما أدى إلى تلوث المياه وشاطئ البحر وتضرر قوارب النزهة التي كانت ترسو في المرافئ القريبة وقد تكبد مالك السفينة أكثر من (1) مليون دولار كتعويض في الإستجابة للانسكاب، و تنظيف الزيت من الميناء، وتعويض مالكي قوارب السفن([72]).أما من حيث حقيقة وقوعها تتمثل بالأضرار التي وقعت فعلاً نتيجة تسرب الوقود الزيتي للسفينة عند تعرضها للحادثة جنوح أو تصادم أو حالات التهديد بوقوع أضرار تلوث, وقد أشترطت الإتفاقية في التهديد أن يكون جسيم من حيث خطورته وداهم من حيث المدة الزمنية التي يمكن أن يقع فيها التلوث([73]).
المطلب الثاني // ضرر التلوث بالوقود الزيتي للسفن..
الضرر هو الفعل الأول الذي ينبعث منه التفكير في مسألة محدث الضرر وتحريك الدعوى عليه والمطالبة بالتعويض في مواجهته([74]), ففي مجال المسؤولية عن التلوث بالوقود الزيتي للسفن لا تنعقد المسؤولية ما لم يتوفر عنصر الضرر, فلا يكفي لإنعقادها أن تقع حادثة التلوث، بل يجب أن ينتج عن التلوث ضرر, فالضرر هو: الركن الثاني لقيام المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, والضرر بالوقود الزيتي للسفن هو (الخسائر أو الأضرار التي تقع خارج السفينة من جراء تلوث ينجم عن تسرب أو تصريف شريطة أن يقتصر التعويض عن أتلاف البيئة والذي لا يشمل أي خسائر أو أرباح نجمت عن هذا الإتلاف و تكاليف تدابير الإصلاح المعقولة التي نفذت بالفعل أو التي يعتزم تنفيذها وتكاليف التدابير الوقائية والخسائر أو الأضرار الأخرى المترتبة على هذا التدبير)([75]). ويتبين من هذا التعريف أن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن هي على نوعان من الأضرار النوع الأول هو الضرر ذاته الذي ينشئ من حادثة التلوث, والنوع الثاني هو تكاليف الإجراءات الوقائية وما يترتب عليه من خسائر وإرباح, وان لهذا الضرر شروط معينة, وسوف نقسم هذا المطلب على فرعين نتناول في الفرع الأول أنواع الضرر, ونتناول في الفرع الثاني شروط الضرر.
الفرع الأول // أنواع الضرر..
في إطار التلوث بالوقود الزيتي للسفن تقسم أضرار التلوث على نوعين أساسيين, هما الضرر بحد ذاته، و تكاليف التدابير الوقائية التي تتخذ لتقليل، أو منع التلوث والخسائر المترتبة عليها, لم تبين الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 المقصود بالضرر بحد ذاته, وإنما وضعت تعريفا عاما للمقصود من أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, فقد نصت المادة (1/9/أ) على الأضرار بأنها (الخسائر أو الأضرار التي تقع خارج السفينة من جراء تلوث ينجم عن تسرب أو تصريف شريطة أن يقتصر التعويض عن أتلاف البيئة والذي لا يشمل أي خسائر أو أرباح نجمت عن هذا الإتلاف و تكاليف تدابير الإصلاح المعقولة التي نفذت بالفعل أو التي يعتزم تنفيذها وتكاليف التدابير الوقائية والخسائر أو الأضرار).وان المقصود من ذلك هي الأضرار التي تصيب ممتلكات الأشخاص العقارية والشخصية, فعلى سبيل المثال تلف مراكب الصيد كليا أو جزيئا نتيجة تلوثها أو تلف السفن المتواجدة بالميناء أثناء حادثة التلوث فضلا عن الأضرار البدنية التي تصيب الأشخاص نتيجة ذلك التلوث, وما يترتب على هذا الضرر من فوات الكسب الذي يلحق بالأشخاص الذين تضار ملكيتهم بصورة مباشرة من جراء إتلاف البيئة الطبيعية, فهذا النوع من الضرر يرتبط بممتلكات المضرور, فالصائد المحترف الذي يعتمد على كسبه في ممارسة مهنة الصيد يجد نفسه محروما من هذا الكسب في الفترة التي لا يستطيع فيها الصيد بسبب تلوث معداته وكذا الحال بالنسبة لأصحاب المطاعم والفنادق الساحلية ومكاتب السياحة وشركات النقل, فقد يؤدي عدم تردد السياح على الشواطئ بسبب التلوث إلى فوات كسبهم وتفويت فرصة الحصول على الدخول, والأضرار المالية التي تنتج نتيجة تدمير الممتلكات العقارية والشخصية, إذ يقتضي الأمر إستبدال تلك الممتلكات أو تطهيرها من الزيوت التي لوثتها([76]), وكذلك تكاليف تدابير الإصلاح المعقولة في إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل حادثة التلوث فهذه الأضرار قابلة للتعويض بإستثناء إتلاف البيئة أي الأضرار البيئية (الموارد الطبيعية), إذ يقتصر التعويض فقط على تكاليف تدابير الإصلاح وإعادة الحال إلى ما كانت عليه وفوات الكسب الناجم عن إتلاف البيئة الطبيعية دون الأضرار التي تصيب البيئة ذاتها([77]), وقد نصت على ذلك الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 في المادة (1/9/أ ) التعويض عن إتلاف البيئة يقتصر على تكاليف تدابير الإصلاح المعقولة التي نفذت بالفعل, أو التي يعتزم تنفيذها وإعادة الحال إلى ما كان عليه والتعويض عن فوات الكسب البيئي, فالإتفاقية إستبعدت من نطاقها الضرر الذي يصيب البيئة ذاتها ( الأضرار البيئية المحضة)([78]) على الرغم من أن الوفد الفرنسي والمجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض أقترحوا ضرورة النص على التعويض عن الضرر البيئي أثناء مؤتمر المنظمة البحرية الدولية عند مناقشة إعداد الاتفاقية, إلا أن واضعو الاتفاقية لم يأخذوا بالإقتراح على أساس أن الوقت غير كافٍ لمناقشة هذا الإقتراح([79]).ويلاحظ أن الإتفاقية وصفت تكاليف تدابير الإصلاح بالمعقولة, فما المقصود بمعقولية هذه التدابير؟ لم تبين الإتفاقية المقصود بالمعقولية, فأن تحديد ما هو معقول من تكاليف تدابير الإصلاح و ما هو غير معقول في جميع حوادث التلوث بالوقود الزيتي للسفن يبدو أمراً مستحيلاً, لأن تكاليف تدابير الإصلاح التي تتخذ اثر حادثة التلوث, تختلف باختلاف كل حادث وظروفه, كما أن تدابير الإصلاح التي تتخذ ترتبط بالنتيجة التي تحققها, وكون تلك التدابير تتحقق نتيجة مفيدة ومن جهة أخرى يجب أن تكون التدابير متناسبة مع النتائج المثمرة أو المتحققة([80]).أما القوانين الوطنية, فلم يرد تعريفا للمقصود بأضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن في قانون حماية وتحسين البيئة العراقي رقم 27 لسنة 2009 , أما الوضع في قانون التلوث بالزيت الأمريكي لسنة 1990, فقد أورد تعدادا للأضرار القابلة للتعويض, وتشمل الأضرار الناجمة عن إصابة أو تدمير الممتلكات العقارية أو الشخصية أو الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذا التدمير([81]), والأضرار الناجمة عن فقدان الأرباح أو ضعف القدرة على الكسب بسبب إصابة أو دمار أو فقدان تلك الممتلكات([82]), وان تعويض هذه الإضرار من الأمور المشتركة بين قانون التلوث بالزيت الأمريكي، و الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001, كما انه نص على تعويض الضرر البيئي بصورة صريحة, إذ نصت المادة (2702/2/أ) وتشمل (الأضرار الناجمة عن إصابة أو تدمير و فقدان استخدام الموارد الطبيعية بما في ذلك التكاليف المعقولة لتقدير تلك الأضرار), وكذلك الأضرار الناجمة عن فقدان الدخل عن استخدام الموارد الطبيعية التي فقدت أو دمرت دون اعتبار لملكية أو إدارة الموارد([83]), وبذلك يكون قد اختلف عن الإتفاقية التي استبعدت التعويض عن الضرر البيئي المحض فأقصى ما ذهبت إليه الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي في مجال التعويض عن إتلاف البيئة هو تكاليف الإجراءات المعقولة للإحياء البيئة فعلا أو التي سوف تتخذ دون التعويض عن الضرر البحري ذاته الذي يتمثل بالموارد الطبيعية كما انه نص على تعويض فوات الكسب الذي ينشئ عن تلوث الموارد الطبيعية (الضرر البيئي)([84]), وهناك نقطة اختلاف أخرى بين الاتفاقية وقانون التلوث بالزيت الأمريكي, فقد جعل مما يدخل في معنى الضرر خسائر الضرائب والعوائد والإيجارات والرسوم واسهم صافي الربح الذي ينجم عن إصابة الممتلكات العقارية والشخصية والموارد الطبيعية([85]), وكذلك تكاليف اتخاذ الخدمات العامة الإضافية التي تتخذ أثناء أو بعد عملية التطهير([86]). وقد قضت محكمة ولاية (Aragon) الأمريكية في (8 / يونيو/ 2004) بتحميل مالك السفينة (كاريسا الجديدة)مبلغ قدره 1,4)) مليون دولار عن الأضرار التي لحقت بمزارع المحار العائدة لشركة (Clausen) الأمريكية نتيجة تلوث خليج (Coos), ومبلغ قدره (25) مليون دولار تكاليف إزالة مخلفات السفينة من الخليج, ومبلغ1.5) ) مليون دولار لاستعادة الشاطئ, ومبلغ إضافي (6.5) ملايين دولار لتنظيف الزيت المتسرب من قبل خفر السواحل([87]). أما القانون الكندي لم يختلف عن الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 في إيراده تعريفا عاما لأضرار التلوث إذ عرفتها المادة (75/6) بأنها (الخسائر أو الأضرار التي تقع خارج السفينة من جراء تلوث ينجم عن تسرب أو تصريف شريطة أن يقتصر التعويض عن أتلاف البيئة, والذي لا يشمل أي خسائر أو أرباح نجمت عن هذا الإتلاف و تكاليف تدابير الإصلاح المعقولة التي نفذت بالفعل أو التي يعتزم تنفيذها وتكاليف التدابير الوقائية والخسائر أو الأضرار).أما النوع الثاني من الأضرار التي تنشأ من التلوث بوقود السفن الزيتي هي تكاليف التدابير الوقائية وما ينتج عنها من خسائر وأضرار, إذن ما المقصود بالتدابير الوقائية؟ وما هو الوقت الذي تتخذ به هذه التدابير؟ وما المقصود بالخسائر التي تترتب على اتخاذ هذه التدابير؟ التدابير الوقائية هي: التدابير التي تتخذ من قبل أي شخص بعد وقوع الحادث لتجنب أضرار التلوث, فعندما تتعرض السفينة لحادث تسرب أو تصريف لوقودها الزيتي من الضروري أن تتخذ إجراءات معينة لمنع تسرب الوقود الزيتي من السفينة, كرأب الصدع الذي يحدث في خزانات الوقود عند تعرضها لحادثة ما لمنع تسرب الزيت إلى البحر وتلوث البيئة البحرية والكائنات الحية وممتلكات الأشخاص, فإذا ما تسرب الوقود إلى البحر فالإجراءات التي من الممكن أن تتخذ في تطويق بقع الوقود الزيتي المتسربة لمنع انتشارها من خلال وضع الحواجز حول السفينة أو استخدام مواد مشتته تعمل على تشتيت بقع الزيت على سطح البحر مما يؤدي إلى تخفيفها والتقليل من الآثار الضارة([88])، وقد عرفت الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 بأنها (أي تدابير معقولة يتخذها أي شخص بعد وقوع حادث ما لتجنب أضرار التلوث أو تقليلها إلى أدنى حد)[89], أما عن الوقت الذي تتخذ به الإجراءات الوقائية لمنع أو تقليل الضرر والتي تكون قابلة للتعويض, فقد أختلف الآراء في تحديد الوقت الذي تتخذ فيه الإجراءات الوقائية والتي تكون تكاليفها قابلة للتعويض وكان مرد ذلك هو اختلافهم في تفسير نص المادة (1/8) من ذات الاتفاقية فقد نصت على أن الحادثة (أي واقعة أو سلسلة من الوقائع ذات منشأ واحد تسبب أضرار التلوث أو تسفر عن تهديد جسيم وداهم بتسبب هذه الأضرار).فهناك من يرى أن حادثة التلوث تتكون من ثلاث مراحل([90]), وهي الواقعة المادية التي تتمثل بالتصادم أو الجنوح والاصطدام بصخرة أو بحاجز وتسرب للوقود الزيتي وضرر تلوث, فالإجراءات التي تتخذ ويمكن استرداد تكاليفها هي الإجراءات التي تتخذ في مرحلة تسرب الوقود الزيتي, فعندما يحدث تسرب في المياه الإقليمية لدولة ما أو في المنطقة الاقتصادية, فأن الإجراءات المتخذة لمنع أو تقليل أضرار التلوث تكون قابلة للتعويض, وإذا حصل تسرب للوقود الزيتي في البحر العالي فالإجراءات المتخذة لمنع وصول الوقود الزيتي للمياه الإقليمية لدولة ما فهي أيضا قابلة للتعويض, وهناك من يرى أن الإجراءات المتخذة بعد التسرب([91]) غير قابله للاسترداد طالما لم يتبع هذا التسرب تلوثاً فعلياً أو حقيقياً, أي أن الإجراءات التي تتخذ في حالات التهديد المحض للتلوث لا يمكن استرداها.ويمكن لنا إنتقاد الرأي الثاني، لأن الهدف من الإجراءات الوقائية هي أصلاً لمنع أو للحد من التلوث والقول بأن الإجراءات حتى تكون قابلة للتعويض يجب أن تكون هناك حالة تلوث فعلية, فهذا مردود، لأنه يتنافى مع الغرض المراد تحقيقه من الإجراءات الوقائية في المنع أو الحد من حالة التلوث سواء كان تلوثاً فعلياً أو تهديداً بالتلوث, كما أن القول بعدم إسترداد تكاليف الإجراءات الوقائية التي تتخذ، ولم يكن هناك تلوث فعلي سوف يؤدي إلى عزوف الأشخاص من اللجوء إلى إتخاذ الإجراءات الوقائية في كافة الحالات التي يحدث فيها تهديد بالتلوث، لان نجاح الأشخاص في إتخاذ الإجراءات الوقائية في منع حصول تلوث سوف يؤدي إلى حرمان الأشخاص من استرداد تكاليف الإجراءات الوقائية.وبالرجوع إلى قانون التلوث بالزيت الأمريكي 1990 نص على تكاليف تدابير الإجراءات الوقائية وأطلق عليها تكاليف الإزالة([92])، والتي تتضمن تكاليف المنع أو تقليل أو تخفيف التلوث الناجم بعد التسرب الفعلي للزيت أو في حالة التهديد بتسرب الزيت, وكذلك الخسائر والأضرار التي تترتب على اتخاذ التدابير الوقائية ([93]), وخير مثال على ذلك إلحاق الضرر بالبعض نتيجة اتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع التلوث, عندما غرقت سفينة (كاريسا) البنمية في خليج (coos) في الولايات المتحدة الأمريكية, إذ تم إغلاق أربع مزارع للمحار تعود إلى شركة ا(Clausen) الأمريكية وقد أصدرت محكمة ولاية (Aragon) حكما في (8/ يونيو/ 2004) بتعويض أسرة شركة المحار مبلغ قدره (1,4) مليون دولار كتعويض عن الخسارة التي لحقت بها من جراء غلق مزارع المحار طول فترة القيام بالإجراءات الوقائية لمنع التلوث بالوقود الزيتي([94]).
الفرع الثاني // شروط الضرر..
للقول بوجود اضرار وبالتالي تخضع للإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن اضرار التلوث بوقود السفن الزيتي, لابد من أن يقع ذلك الضرر خارج السفينة, وأن يكون الضرر ناشئاً عن التلوث بوقود السفن الزيتي وأن ينتج الضرر من جراء تلوث ناجم عن حادثة تسرب, أو تصريف للوقود, وسوف نبين تلك الشروط كلا في فقرة مستقلة.
1– أن يقع الضرر والخسائر خارج السفينة..
يشترط في الضرر الناجم عن التلوث بالوقود الزيتي للسفن أن يقع خارج نطاق السفينة, أي أن يصيب البيئة الطبيعية وممتلكات الأشخاص خارج نطاق السفينة مصدر التلوث, ومن مفهوم المخالفة أن الأضرار والخسائر التي تقع على ظهر السفينة سواء كانت مالية أو بدنية تستبعد من أحكام الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001, وهذا ما نصت عليه المادة (1/9/ أ) بقولها (الخسائر أو الأضرار الواقعة خارج السفينة….), وهذا ما عليه إتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط لسنة 1969. ونشير على سبيل المثال تسرب الوقود الزيتي إلى البضائع المتواجدة على متن السفينة عند تزويدها بالوقود بسبب خطأ في استخدام خرطوم التزويد بالوقود بدلا من يوضع في خزان الوقود يوضع في مستودعات البضائع مما يؤدي إلى تلف البضائع, وقد استبعد الصندوق الدولي للتعويض الضرر الذي أصاب بضاعة الألياف المتواجدة على متن السفينة اليابانية, والتي كان يعتزم بتزويدها بالوقود في (27/ يوليو/ 1990) ونتيجة خطأ في استخدام خرطوم التزويد بالوقود تسرب الوقود الزيتي على ظهر السفينة والى بضاعة الألياف المتواجدة على ظهر السفينة, مما أدى إلى تلوثها وتلفها دون أن يتسرب الوقود إلى خارج السفينة كون إتفاقية المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالنفط لسنة 1969, اشترطت أن تقع الأضرار خارج السفينة من جراء تلوث نجم عن تسرب أو تصريف للزيت من السفينة([95]).ونرى أن ذلك يصح في شأن الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001, لأنها أيضاً إشترطت لخضوع أضرار التلوث لأحكامها أن يقع الضرر خارج السفينة, كذلك الأضرار البدنية التي تصيب الأشخاص المتواجدين على متنها وحوادث الوفاة, والأضرار التي تصيب ممتلكات الأشخاص المتواجدين على متن السفينة بسبب حوادث وقودها مستبعدة من نطاق تطبيق الإتفاقية, وتنتقد الإتفاقية في هذا الجانب, إذ أنها تعامل الأضرار التي تقع على متنها معاملة أقل من الأضرار التي تقع خارج السفينة, وهذا ما يؤدي إلى حلول غير عادلة في معاملة المضرورين، فكان من الأولى أن ينص على التعويض عن الأضرار البدنية والوفاة بصورة صريحة وان يمد نطاق تطبيق الإتفاقية إلى الأضرار التي تقع على متنها, فيكون التعويض عن الأضرار التي تقع على متن السفينة أو خارجها([96]). ولم يفرق قانون التلوث بالزيت الأمريكي لسنة 1990, بشأن الأضرار التي تقع على ظهر السفينة والأضرار التي تقع خارج السفينة إذ أنه عامل جميع الأضرار التي تقع نتيجة التلوث بالوقود الزيتي للسفن المعاملة نفسها, لأن المادة (2702/2) عندما أوردت تعدادا للأضرار لم تشترط أن تقع تلك الأضرار خارج السفينة.أما القانون الكندي بموجب قانون المسؤولية البحرية لسنة 2001, اشترط أن تقع الأضرار خارج السفينة عندما عرف الضرر الناجم عن التلوث بالوقود الزيتي للسفينة, بأنه أي خسارة أو ضرر خارج السفينة التي يسببها التلوث الناجم عن تصريف الوقود الزيتي للسفن([97]).
2– أن يكون الضرر بسبب التلوث..
لا يكفي أن يقع الضرر خارج السفينة, وإنما يجب أن يكون ناجماً من جراء تلوث بالوقود الزيتي للسفينة, فكل ضرر لم ينشأ عن تلوث لا يخضع للاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001, وهذا ما نصت عليه الإتفاقية في المادة (1/9/أ) ويبدو أن واضعي الإتفاقية أقتفوا إتجاه إتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط لسنة1969, في جعل الأضرار الناتجة التلوث بالزيت مغطاة من قبل الاتفاقية, رغم أن الأضرار الناتجة من أحتراق وقود السفن أو الأضرار التي تنجم من إنفجار خزانات الوقود لا تقل خطورة عن الأضرار بسبب التلوث, ولاسيما أن الوقود الزيتي من المواد التي لها القدرة على الاشتعال والاحتراق مولدة إصابات بدنية ومالية جسيمة أكثر مما يسببه التلوث, فمن الأفضل مد نطاق الإتفاقية إلى الأضرار التي تتولد عن أحتراق الوقود أو انفجار خزانات الوقود, ولاسيما أن هذه الحوادث ليست مستبعدة لقابلية الوقود الزيتي على الأحتراق والأنفجار عندما تتوفر الظروف الجوية المناسبة من ضغط ودرجة حرارة, وهناك حالات يتم عمداً حرق وقود السفينة الزيتي لمنع تسربه إلى مياه البحر عندما تتعرض السفينة إلى جنوح أو غرق وخوفا من تسرب وقودها وتلوث مياه البحر يتم تفجير خزانات الوقود ([98]). ولعل ما حدث عندما غرقت السفينة (كاريسا الجديدة) التي تحمل علم (بنمي) عندما غرقت في خليج (coos), في الولايات المتحدة الأمريكية, (في 4 فبراير عام 1999) وتسرب ما يقارب (400000) غالون من وقودها الزيتي من أثنين من الخزانات من اصل خمسة خزانات للوقود, مما تسبب بتلوث المياه والشواطئ وموت أكثر من (400) طائر وأغلقت أربع مزارع للمحار والتي تبلغ قيمتها (10) ملايين دولار, ولمنع المزيد من الضرر بسبب التلوث الناجم من تسرب الوقود تم حرق وقود السفينة من خلال تفجير خزانات الوقود فلا تقل الأضرار التي يسببها أحتراق الوقود الزيتي عن التلوث, بل ربما تكون أكثر خطورة على ممتلكات وصحة الإنسان والأضرار التي تلحق بالبيئة الطبيعية([99]).
3– أن ينتج الضرر من جراء تلوث ناجم عن حادثة تسرب أو تصريف للوقود..
ينبغي أن يحدث الضرر نتيجة تلوث ناجم عن حادثة, والتي يقصد بها الواقعة المادية المسببة للتلوث والتي ينشأ عنها تصريف للوقود الزيتي أو تسرب, وقد تناولنا الواقعة المسببة للتلوث بوصفها احد شروط قيام حادثة التلوث بالوقود الزيتي للسفن كون حادثة التلوث هي احد أركان المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن.
المطلب الثالث// العلاقــة السببيــة..
لانعقاد المسؤولية التقصيرية في مجال التلوث البيئي يستلزم توافر العلاقة السببية بين الخطأ والضرر, إذ لولا وجود الخطأ لما كان الضرر, فالسببية هي العنصر الأخير لإنعقاد المسؤولية([100]), فلا يكون للمضرور من التلوث الحق في الحصول على التعويض ما لم يثبت قيام العلاقة السببية المباشرة بين الضرر الذي أصابه والخطأ أو النشاط غير المشروع الصادر من الغير([101]), ولما كان التمسك بفكرة الخطأ واشتراط إثباته لا تتلاءم مع طبيعة الضرر الناشئ عن التلوث بالوقود الزيتي للسفن الذي يتسم بالامتداد من حيث الزمان والمكان, فقد لا تظهر آثاره بعد وقوع الحادث مباشرة, كما انه ينتشر في أماكن تبعد كثيراً عن مكان وقوع الحادث, فالعلاقة السببية لا تنشئ بين الخطأ والضرر كما هو الحال في ضوء القواعد العامة, وإنما تنشئ بين التلوث والضررفالضرر يجب أن يكون ناشئا عن التلوث فالضرر الذي ينشئ نتيجة احتراق أو انفجار خزانات الوقود لا يعد ضررا, وبالتالي غير خاضع للتعويض لانقطاع العلاقة السببية بين الضرر والتلوث وفقا لنص الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001, فقد نصت من خلال تعريف الضرر على أن الضرر يجب أن ينشئ عن تلوث ناجم عن تسرب أو تصريف للوقود الزيتي، (… أضرار التلوث الخسائر والأضرار …..من جراء تلوث نجم عن تسرب أو تصريف وقود السفينة الزيتي)([102]).
وكذلك قانون التلوث بالزيت الأمريكي أيضا تخلى عن الخطأ لقيام المسؤولية المدنية عن التلوث بالزيت رغم الولايات المتحدة الأمريكية لم تنضم إلى الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001, وقد تفوق القانون الأمريكي على الإتفاقيات التي عالجت التلوث بوقود السفن, فقد سبق الإتفاقية بسنوات في معالجته للمسؤولية المدنية للتلوث الناجم عن وقود السفن الزيتي, فلم يقتصر على تنظيم التلوث الناجم من ناقلات البترول, وإنما شمل جميع أنواع السفن, ولم يختلف القانون الكندي عن الاتفاقية في أشتراط الضرر أن يكون ناشئا عن التلوث بالوقود الزيتي لأنعقاد المسؤولية, فالعلاقة السببية تنقطع ولا يكون هناك مجالاً للتعويض في حالة نشوء الضرر دون حادثة التلوث بالوقود الزيتي.فلو فرضنا وقعت حالة تسرب, أو تصريف للوقود وقبل حدوث تلوث انفجرت خزانات الوقود واحتراق السفينة ونتج عن الاحتراق أضرار أصابت أصحاب مراكب الصيد، أو السائحين، وأصحاب الفنادق, والمطاعم المجاورة للبحر, وكذلك الأضرار التي أصابت البيئة، ففي هذه الحالة الأضرار الناجمة ليس سببها التلوث, فالأضرار سببها أحتراق السفينة, فالضرر هنا موجود, لكن السببية غير موجودة, فالسببية إنفصلت عن حادثة التلوث, فالحادثة في هذه الفرضية هي أحتراق السفينة, وليس التلوث بفعل تسرب الوقود الزيتي للسفينة، فهنا إنقطعت العلاقة السببية بين التلوث والضرر فلا تتحقق المسؤولية فإنعدام السببية ينعدم في الوقت ذاته الضرر ومن هذا الوجه يكون الضرر والسببية متلازمان([103]), فيشترط توفر السببية سواء في الضرر ذاته والذي يتمثل في الأضرار التي تصيب البيئة أو الأضرار التي تصيب الممتلكات العقارية أو الشخصية للمضرور, ويجب أن تتوافر العلاقة السببية بين الإجراءات الوقائية وبين الضرر الناشئ عن اتخاذ الإجراءات والخسائر التي تترتب على اتخاذ هذه الإجراءات.وتنقطع العلاقة السببية بين ضرر التلوث ولا يتحمل مالك السفينة أي مسؤولية عن أضرار التلوث إذا كانت الأضرار ناتجة عن أعمال الحرب أو القتال, أو الحرب الأهلية أو التمرد، أو بفعل ظاهرة طبيعية ذات طابع استثنائي أو حتمي, كما أن مالك السفينة لا يتحمل أي مسؤولية إذا كانت الأضرار ناجمة عن فعل أو تقصير من قبل شخص ثالث بنية أحداث ضرر, أو نجمت كليا عن إهمال أو تصرف خاطئ صدر من الحكومة أو سلطة أخرى مسؤولة عن أعمال صيانة الأضواء أو المساعدات الملاحية الأخرى في إطار ممارسة الدولة لوظيفتها تلك هذه الحالات السابقة يعفى فيها المالك كليا من المسؤولية إذا ثبت ضرر التلوث نتج عن أحداها([104]), كما أن المالك يعفى كليا أو جزئيا من المسؤولية متى ما اثبت أن الضرر نجم عن فعل أو تقصير أتاه المضرور([105]).وهناك من قسم حالات انقطاع العلاقة السببية بين حادثة التلوث والضرر إلى نوعين أساسين ([106]), وهما الصور التقليدية للسبب الأجنبي, والصور المستحدثة لسبب الأجنبي, ولبيان ذلك سوف نقسم هذا المطلب إلى فرعين, نتناول في الفرع الأول الصور التقليدية للسبب الأجنبي, ونتناول في الفرع الثاني والصور
المستحدثة لسبب الأجنبي.
الفرع الأول // الصور التقليدية للسبب الأجنبي..
وتنقطع السببية وفقا للقواعد العامة في القانون المدني العراقي بتحقق السبب الاجنبي الذي لا يد للمسؤول عن الضرر فيه كآفة سماوية أو حادث فجائي أو قوه قاهرة أو فعل الغير أو خطأ المتضرر([107]), ففي ما يتعلق بالآفة السماوية أو الحادث الفجائي أو القوه القاهرة, يرى البعض ان هذه المصطلحات الثلاث تفيد معنى وأحد([108]), هو حدث لا دخل لإرادة الأنسان في وقوعه, وليس في وسعة توقعه ولا يمكن ردأ نتائجه أو تلافي حدوثه, في حين الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن اضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 نصت على الظاهرة الطبيعية ذات الطابع الاستثنائي والحتمي والقاهر, فهناك من يرى([109]), أن الظاهرة الطبيعية اكثر تحديداً من القوة القاهرة وفقاً للنظام اللاتيني، أو ما يطلق عليه في القانون الامريكي بالقضاء والقدر, فالاتفاقية تشترط ان تكون الظاهرة الطبيعية ذات طابع استثنائي وحتمي وقاهر, أي لا يمكن لأحد في كافة الظروف تفادي او تجنب الظاهرة الطبيعية, فلا يكفي إثبات عدم القدرة على تجنبها بممارسة العناية المعتادة والخبرة البحرية, كما ان الإتفاقية اقتصرت على الظاهرة الطبيعية فقط, في حين القوة القاهرة لا تقتصر على الظواهر الطبيعية, بل تمتد الى الأفعال البشرية طالما لم تكن متوقعة, ولا يمكن التغلب عليها وليس للمسؤول عن الضرر يد في وقوعها، دون لزوم كون ان الحادث استثنائي, اما فكرة القضاء والقدر الواردة في القانون الامريكي تستلزم ان أن يقع الحادث دون تدخل بشري (كارثة طبيعية غير متوقعة أو ظاهرة طبيعية ذات طابع استثنائي) وأن يكون من طبيعة تؤدي الى عدم امكانية منعة بواسطة اي قدر من العناية والحذر يتوقع من المسؤول ممارسته على نحو معقول([110]), اي ان فكرة القضاء والقدر تتبنى معيار شخصي في قياس مدى قدرة المسؤول في تفادي وقوع الضرر, في حين الإتفاقية تتبنى معيار موضوعي([111]). ونحن نرجح فكرة الظاهرة الطبيعية ذات الطابع الاستثنائي والحتمي والقاهر الذي نصت عليها الإتفاقية كسبب اجنبي لأنقطاع العلاقة السببية بين حادثة التلوث والضرر, كونها توفر ضمانة اكيدة للمضرورين من التلوث.ولا يتحمل المالك المسؤولية إذا اثبت أن الضرر نجم كليا عن فعل أتاه طرف ثالث بنية إحداث ضرر([112]), ويقصد بالغير هنا هو كافة الأشخاص الآخرين غير طاقم السفينة وتابعي المالك, فيعد من الغير( المساعدين والمنقذين والأشخاص الذين على متنها) دون أن يكونوا من تابعي أو وكلاء المالك, كالمسافرين أو زوجات الطاقم السفينة كل هؤلاء يعدون من الغير، إذا ثبت مالك السفينة أن الضرر نتج كليا عن فعل عمدي ارتكبه الغير بنية إحداث ضرر أيا كان حتى لو كان قليل الجسامة, كأن يقوم الغير بتفجير أحواض السفينة بنية إتلافها فيتسرب وقودها الزيتي إلى خارج السفينة مسبباً أضرار التلوث([113]).ويعد من صور الغير إهمال الحكومة أو السلطة التي تعهد إليها الدولة بصيانة المرافق الملاحية, فقد نصت المادة (3/3) من الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001على انه (لا يتحمل مالك السفينة أي مسؤولية عن أضرار التلوث على المالك إذا أثبت أن الضرر.. ج – قد نجم كليا عن إهمال أو تصرف خاطئ آخر صدر عن حكومة أو سلطة أخرى مسؤولة عن صيانة الأضواء أو المساعدات الملاحية الأخرى في إطار ممارستها لوظيفتها تلك ممارسة هذه المهمة). وهناك من يرى نص هذه الفقرة يبدو واسعاً وضيقا في الوقت نفسه ([114]), فهو واسع، كونه لا يشترط أن يكون الإهمال أو الفعل الضار مقصوداً, أي يكون بنية أحداث الضرر, وإنما أكتفى بمجرد الإهمال ولو كان يسيراً لإعفاء المالك من المسؤولية, فضلا عن ذلك لا يتطلب أن يكون صادرا بالضرورة من الحكومة، بل يكفي أن يصدر من أي سلطة مسؤولة عن صيانة المرافق الملاحية, وكونه ضيق، إذ لا يغطي سوى الإهمال المتعلق بصيانة الأضواء أو تقديم المساعدات الملاحية مما يعني أن إهمال الحكومة في غير هاتين الحالتين السابقة الذكر إذا ترتب عليها أضرار لا يعفى مالك السفينة من المسؤولية, وبالتالي إذا ما حدث تراخي في ذلك ولو إهمالا فأن تلك الحكومة أو السلطة تصبح سبباً أجنبياً في دفع مسؤولية مالك السفينة.ومن صور خطأ الغير خطأ المضرور, إذا أثبت المالك أن ضرر التلوث قد تنتج كلياً أو جزئياً إما بسبب عمل أو إمتناع عن عمل من جانب الشخص الذي لحقه هذا الضرر انه أرتكبه بنية إحداث ضرر أو نتيجة لإهمال هذا الشخص، فيجوز إعفائه كلياً أو جزئياً من مسؤوليته تجاه إزاء ذلك الشخص([115]), فإذا ما أرتكب المضرور خطأ يترتب عليه وقوع ضرر تلوث يلحق به شخصيا, ففي مثل هذه الحالة وكمبدأ عام يعفى مالك السفينة المالك ليس فقط عندما يثبت أن ضرر التلوث الذي لحق بهذا الشخص قد نتج عن خطئه العمدي، أي أن يكون هذا الأخير قد تصرف أو إمتنع عن التصرف بقصد إحداث ضرر, وإنما أيضا عندما يقع من جانبه خطأ أو إهمال يسير, أي أن إعفاء المالك إتجاه المضرور المخطئ يكون كلياً أو جزئياً تبعا لأهمية دورة في إحداث الضرر([116]).
الفرع الثاني // الصور المستحدثة للسبب الأجنبي..
تتمثل هذه الصور بأعمال الحرب أو القتال أو الحرب الأهلية أو التمرد([117]), وهذه الأعمال لا يمكن أن تدرج ضمن القوة القاهرة أو خطأ الغير, كونها ذات طابع بشري وقد لا تكون إستثنائية مما يمنعها من أن تصبح قوة قاهرة, وهي قد لا تندرج ضمن خطأ الغير على أن المالك لا يمكنه أن يتمسك بالإعفاء من مسؤوليته عن حادثة التلوث الناجمة عن حادثة تصادم وقعت بسبب أعمال الحرب وقت الحرب, إذ لا يمكن أعتبار التلوث نتج عن أعمال الحرب، إذ يوجد خطر الحرب, ولكن لا يوجد عمل حربي يستدعي الإعفاء من المسؤولية, كأن تجبر إحدى السفن بسبب الحرب على السير مطفأة الأنوار فيحدث تصادم يتسبب في وقوع ضرر التلوث فلا يمكن لمالك السفينة أن يتمسك بالإعفاء من المسؤولية بسبب أعمال الحرب، فحادثة التلوث لم تنتج عن أعمال الحرب وإنما عن تصادم وقع بسبب ظروف الملاحة وقت الحرب([118]).وقد نوقشت حالة تعسف الدولة في منح السفينة ملاذاً آمنا في حالات تعرض السفن الناقلة للبترول لخطر ما, كما في حالة سوء الأحوال الجوية وتعرض السفينة لرياح عاتية وطلبت السفينة الملاذ الآمن من الحكومة أو السلطات المختصة وترفض الحكومة أو السلطات المختصة منحها ملاذاً آمنا، فهناك من يرى أن هذه الحالة تدخل من ضمن إهمال الحكومة أو السلطة المسؤولة عن صيانة الأضواء أو المساعدات الملاحية الأخرى([119]), كما حدث في اسبانيا عام 2002, عندما طلبت الناقلة (برستيج) من الحكومة الاسبانية منحها ملاذا آمنا في سواحل (Galicia) نتيجة تعرضها لرياح عاتية بسبب سوء الأحوال الجوية وقد رفضت السلطات الاسبانية استجابة طلب السفينة في منحها الملاذ الآمن, مما أدى إلى غرق الناقلة وتحطمها وتسرب البترول في الساحل الاسباني وتلوث الساحل ومراكب الصيد بالبترول, وقد توجه المضرورين والحكومة الاسبانية بإقامة دعوى ضد المكتب الأمريكي للشحن (ABS)([120]) الذي صادق على سلامة الناقلة وصلاحيتها للرحلة البحرية, وقد رفضت المحكمة الأمريكية تلك الدعوى في (2/ يناير 2007)على أساس أن مالك السفينة معفى من المسؤولية عن أضرار التلوث كون أن حادثة التلوث نجمت كليا عن فعل الغير([121]), وقد أيدت محكمة استئناف الدائرة الثانية في نيويورك في(29/ أغسطس/ 2013) الحكم الأصلي الذي يقضي أن المكتب الأمريكي للشحن غير مسؤولا عن أضرار التلوث بالبترول وبالتالي يعفى مالك السفينة من المسؤولية عن تلك الأضرار([122]).
الخاتمــة..
يمكن القول إن موضوع المسؤولية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, أصبح موضوعا سريع التطور في أحكامه نتيجة لزيادة الوعي بمخاطر ذلك التلوث وضرورة إيجاد آلية قانونية للحد من تلك الأخطار تلك الآلية التي تكرس أساسا في الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن لسنة 2001, فضلا عن ذلك ما تقدمه القوانين الوطنية من تنظيم تكرس فيه الأحكام القانونية في معالجة المسؤولية الناشئة عن أضرار التلوث بوقود السفن, وسنتعرض أهم النتائج التي توصلنا إليها في بحثنا مع ما يمكن طرحه من مقترحات في فقرتين.
أولا // النتائـج..
1- تمتاز أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن بخصوصية ولعل هذه الخصوصية تستنتج من الخصائص التي يتمتع بها الوقود الزيتي ومن تلك الخصائص هو إنتشار الزيت وتفاعله مع جزيئات الماء , إذ يشكل طبقة على سطح الماء تبدأ بالتحرك والإنجراف تبعاً لحركة الأمواج والتيارات, مما يؤدي إلى انتشار التلوث إلى أبعد نقطة جغرافية.
2- المسؤولية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن مسؤولية قائمة على أساس الضرر دون الخطأ, وهذه المسؤولية تنسجم مع التطورات التي يشهدها قوانين البيئة البحرية, فأن نشاطات السفن داخل البحار تكون مشروعة, كما أن من يقوم بتلك النشاطات يستفيد منها, فيجب أن يتحمل ما ينجم عن هذا النشاط كل تعويض عن الأضرار الناشئة منه, رغم أن المشرع العراقي في قانون حماية وتحسين البيئة رقم (27) لسنة 2009, لم ينص على المسؤولية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, وإنما أقتصر على المسؤولية الناشئة عن أضرار التلوث الناشئة عن ناقلات البترول وجعلها مسؤولية مفترضة.
ثانياً // المقترحات..
1- ضرورة قيام المشرع العراقي بإصدار قانون خاص بالتلوث بالبترول بكافة أنواعه ومن بينها وقود السفن الزيتي بعيداً عن القواعد الواردة في القانون المدني, وجعل المسؤولية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, قائمة على أساس الضرر دون الخطأ بنوعيه, حماية لحقوق المتضررين وتيسيراً لهم للمطالبة في الحصول على حقوقهم, أو إدخال تعديلات على قانون حماية وتحسين البيئة من خلال النص على المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن, وضرورة تبني المسؤولية القائمة على الضرر دون الخطأ بنوعيه.
2- ضرورة تبني نظام التأمين الإجباري عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي لتوفير ضمانا فعليا للمتضررين من التلوث, كما يجب على المشرع العراقي أن يحدد على وجه الدقة مدة التغطية التأمينية, والأساس الذي يحدد على ضوئه قيمة قسط التأمين ومبلغ الضمان الذي تلتزم به شركة التأمين بدفعه للمتضررين من التلوث, ونقترح ان ينص على انه (يجب على مالك السفينة التي تبلغ حمولتها (300) طن فأكثر والمسجلة في الجمهورية العراقية, أن يكتتب في تأمين أو ضمان مالي اخر, لتغطية مسؤوليته عن أضرار التلوث بمبلغ يعادل مبلغ الحد الاقصى لمسؤوليته طبقاً للقانون), على أن يضمن هذا النص في قانون خاص بالتلوث بالبترول بكافة أنواعه ومن بينها وقود السفن الزيتي.
3- ضرورة إنشاء صندوق للتعويض عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن لحماية التعويض المتضررين من جراء التلوث في الحالات التي لا يكون مصدر التلوث بالوقود الزيتي للسفن غير معروفا, أو في الحالات التي يعجز فيها محدث الضرر عن دفع التعويض كاملا.
الهوامـش ..
[1]– د. نادر محمد إبراهيم, الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي, الطبعة الأولى, دار الفكر الجامعي, الإسكندرية, 2005, ص71.
2– د. محمود سمير الشرقاوي, القانون البحري الليبي, الطبعة الأولى, المكتب المصري الحديث, الإسكندرية, 1970, ص93.
3– المادة (1/4) الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001, متوفرة على الموقع الالكتروني www.environnement.gov
4– تناول قانون التجارة البحري العثماني لسنة 1863النافذ في بعض فصولة مسألة إيجار السفينة مفصلا في الفصل السادس من المادة (92-100)، لكنه لم يتناول صور الإيجار إلا أن مشروع القانون البحري العراقي لسنة 1987أورد تفاصيل صورتي إيجار السفن في الباب الخاص باستثمار السفينة.
5- د. مجيد حميد العنبكي, القانون البحري العراقي, الطبعة الاولى, دار الحكمة, بغداد, 2002, ص130.
6– الإدارة البحرية :هي كل ما يتعلق بقيادة السفينة وأجهزتها, وما يتصل بصفة عامة بفن الملاحة البحرية, د. محمود سمير الشرقاوي, مصدر سابق125.
7- الإدارة التجارية :وتتوقف على نوع الملاحة التي تقوم بها السفينة وتشمل إبرام عقود النقل واستلام وتسليم البضاعة بالنسبة للسفن التجارية أما بالنسبة لسفن الصيد فيقصد بها تحديد مناطق الصيد والمحافظة على الأسماك وبيعها, د. محمود سمير الشرقاوي, مصدر سابق125.
8– د. مجيد حميد العنبكي, مصدر سابق, ص130.
9- د. طالب حسن موسى, القانون البحري, الطبعة الثانية, دار الثقافة, عمان, الأردن, 2012, ص60.
10– د. مجيد حميد العنبكي, مصدر سابق , ص148.
11- (Chao Wu), liability and compensation for pollution and bunker spill, Journal of Science and Technology, Volume 7, Issues 1-2, June 2002, p122.
12– Griggs(Patrick), Limitation of Liability for Maritime Claims, 2004, p98, published online,www.lawteacher.net
13– Griggs(Patrick), International Convention on Civil Liability for Bunker Oil Pollution Damage 2001, International Journal of Social Science and Humanity, Vol. 3, No. 1, January 2013, p98. 14– المادة (211) القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951وتعديلاتة.
15- المادة (2703/ أ /3) قانون التلوث بالزيت الامريكي رقم (40) لسنة 1990 المعدل.
16- المادة (2702/ 2/ د/ 1) قانون التلوث بالزيت الامريكي رقم (40) لسنة 1990 المعدل.
17- د. عصمت عبد المجيد, مصادر الالتزام في القانون المدني, المسؤولية التقصيرية والعقدية, الطبعة الأولى, المكتبة القانونية, بغداد, 2007, ص257.
18- د. جمال محمود الكردي, المحكمة المختصة والقانون الواجب تطبيقه بشأن دعاوى المسؤولية والتعويض عن مضارالتلوث البيئي العابر للحدود, الطبعة الأولى, دار الجامعة الجديدة, الإسكندرية, 2003, ص134.
19- المادة (32/ أولا) قانون حماية وتحسين البيئة العراقي رقم 27 لسنة 2009.
20- المادة (32/ ثالثا) قانون حماية وتحسين البيئة العراقي رقم 27 لسنة 2009.
21– المادة (3/1) الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة2001.
23- Bruce B. Weyhrauch , oil spill litigation: private lawsuits and limitations, Tulane Maritime law Journal, volume 7, No.1, 1992, p166.
24- Schoenbaum Thomas, Liability for Damages in Oil Spill Accidents: Evaluating the USA, and International Law Regimes in the Light of Deepwater Horizon, Journal of Environmental Law, Oxford University, Volume 24 Issue 3, 2012, p422.
25- Bruce B. Weyhrauch, op. cit, p178.
26-Schoenbaum Thomas, op. cit, p429.
27- Report of the National Petroleum Council July 1994, H. Leighton Steward, Chairman Committee on The Oil Pollution Act National Petroleum Council, p298,Available on the Website,www.ivsl.org
28– المادة (2702/ أ) قانون التلوث بالزيت الأمريكي رقم (40) لسنة 1990 المعدل.
29- المادة (77/3) قانون المسؤولية البحرية الكندي لسنة 2001 المعدل.
30- د. محمد بومدين أرواغ, آلية الضمانات وفي التامين البحري والنقل في القانون المغربي المقارن, الطبعة الأولى, دار الإمارات, الرباط, 2007, ص7.
31– D. Praban Dix, compensation for environmental damage caused by the oïl spill, 2010, pp. 244, is available on the official website of the International Maritime Organization, www.imo.org
32– د. نبيلة إسماعيل رسلان, التأمين ضد أخطار التلوث, الطبعة الأولى, دار النهضة العربية, القاهرة, 2003, ص88.
33- Ralston, pollution liability insurance: the application of economic theory, Journal of Risk and Insurance of America, Volume 46, No. 3, (Sep2009), p455.
34- Harry J. Solberg, internal marine and transportation insurance and risk, Journal of the American Marine Insurance, Vol. 25, No. 3 (November 2011),p 77-78.
35– نقلا عن دكتور نادر محمد إبراهيم, الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي, مصدر سابق, ص129.
36- د. نبيلة إسماعيل رسلان, مصدر سابق, ص29.
37- Griggs (Patrick), International Convention on Civil Liability for Bunker Oil Pollution Damage 2001, op. cit, p244.
38 –المادة (2716 /ب/2)قانون التلوث بالزيت الأمريكي (40) لسنة 1990 المعدل.
39– Griggs (Patrick), Limitation of Liability for Maritime Claims, op. cit, p255.
40- د. نادر محمد إبراهيم, الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي, مصدر سابق, ص162.
41- د. محمد السيد الفقي, القانون البحري, الطبعة الأولي, دار الجامعة الجديد, القاهرة, 2009, ص209.
42- المادة (1/1) اتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط لسنة 1969, متاح على الموقع الالكتروني
http://www.admiraltylawguide.com
43- د. محمد السيد الفقي,المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالمحروقات, مصدر سابق, ص1.
44- المادة (2/1) بروتوكول 1992 المعدل لاتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط لسنة 1969, متاح على الموقع الالكتروني
45- د. محمد السيد الفقي, المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالمحروقات, مصدر سابق, ص27.
45- الحطام البحري :هو الأداة البحرية التي تفقد صلاحيتها للطفو وتترك من قبل طاقمها. د. علي البارودي، مبادئ القانون البحري, الطبعة الاولى، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1983, ص60.
55- Griggs(Patrick), International Convention on Civil Liability for Bunker Oil Pollution Damage 2001, op. cit, p77.
56- نصت المادة (1/1) من الإتفاقية بأن السفينة هي (أي مركب صالح للملاحة البحرية وأية مركبة عائمة في البحر من أي نوع كان)
57- تقرير عن زيت الوقود الثقيل, المكتب الأمريكي للشحن الولايات المتحدة الأمريكية لعام 2010, ص55, متاح على الموقع الالكتروني www.ncbi.nlm.nih.gov
58– المادة (1/5)الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتيلسنة 2001.
59- Griggs (Patrick), International Convention on Civil Liability for Bunker Oil Pollution Damage 2001, op. cit , p188.
60-د. سالم اللوزي, الدليل الاسترشادي لخطط الطوارئ للتلوث بالزيت في الوطن العربي, المنظمة العربية للتنمية والزراعة ,2008, ص 17, متاح على الموقع الالكتروني www.aoad.org
61– D.J. Blatcher , compliance of the Royal Navy ships with emissions of nitrogen oxides, the journal Marine Pollution, Volume 40 Issue 22 in 2013, the University of London, United Kingdom, pp. 233.
62- د. محمد السيد الفقي, المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالمحروقات, مصدر سابق, ص40.
63- المادة (75/5) قانون المسؤولية البحري الكندي لسنة 2001 المعدل.
64- المادة (1/8)الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001.
65- نص المادة (1/8) من الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 باللغة الانكليزية
(Incident; means any occurrence or series of occurrences having the same origin, which causes pollution damage or creates a grave and imminent threat of causing such damage)
66- نصت المادة (1/8) من الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية الناشئة عن اضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001 (وتعني الحادثة: أي واقعة أو سلسلة وقائع ذات منشأ واحد تسبب أضرار التلوث أو تسفر عن تهديد جسيم وداهم بتسبب هذه الأضرار).
67- نصت المادة (1/8) من إتفاقية المسؤولية المدنية عن اضرار التلوث بالنفط لسنة 1969(يعني حادث: أي واقعة أو سلسلة من الأحداث لها نفس المنشأ والذي يسبب الضرر الناجم عن التلوث)
68- نقلا عن,د.محمد السيد الفقي, المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالمحروقات, مصدر سابق, ص60.
69- المادة (2701/14) من قانون التلوث بالزيت الأمريكي رقم (40) لسنة 1990 المعدل.
70- المادة (47) قانون المسؤولية البحري الكندي لسنة 2001 المعدل.
71– د.نادر محمد إبراهيم,الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي, مصدر سابق, ص66.
72- The official website of the Supreme Court of Canada, op. cit, p22.
73- د. نادرمحمد إبراهيم,الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي,مصدر سابق, ص67.
74- د. احمد محمود سعيد, استقراء لقواعد المسؤولية المدنية في منازعات التلوث البيئي, الطبعة الأولى, دار النهضة العربية, القاهرة, 1994, ص130.
– المادة (1/9) الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتيلسنة 2001.75
76- Reed Smith, op. cit, p322.
77- دليل الصندوق الدولي للتعويض عن انسكاب النفط, 2008, ص55, متاح على الموقع الالكتروني
78- د. عبد النور عبد الباري, تلوث البيئة, الأرض والنبات, الطبعة الأولى, دار الجامعة المصرية, القاهرة, 2000, ص30.
79– Griggs (Patrick), International Convention on Civil Liability for Bunker Oil Pollution Damage 2001, op. cit, p87.
80- D. Praban Dix, op. cit, p144.
81 –المادة (2702/2/د) من القانون ذاته..
82- المادة (2702/2/ط) من القانون ذاته.
83- تفاصيل حادثة السفينة (كاريسا الجديدة), ص22, متاحة على الرابط
https://www.fws.gov/oregonfwo/Contaminants/Spills/NewCarissa
88- Julian hay, the efficiency of the article can be international compensation systems to prevent pollution? A discussion of the status of marine oil spills, 2009, p65,
Available on the Website,www.ivsl.org
89- المادة (1/7) من الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001.
90- (Chao) Wu,op. cit, p87.
91- Thomas, and the responsibility for the damage the oil spill in the article: Assessment of the United States of America and the systems of international law in the light of the Deepwater Horizon, Journal of Environmental Law, Oxford University, ISSN: 09528873: 2012, Volume 24, Issue 3, p324.
92- نصت المادة (2701/30) من قانون التلوث بالزيت الأمريكي على أن الإزالة :(تعني احتواء النفط من المياه والشواطئ واتخاذ إجراءات ضرورية لقليل أو تخفيف الأضرار التي تصيب البيئة والممتلكات العامة والخاصة والشواطئ والصحة العامة والأسماك والمحار على سبيل المثال).
93- المادة (2702/1) قانون التلوث بالزيت الامريكي رقم (40) الأمريكي لسنة1990 المعدل.
94- حادثة السفينة (كاريسا), مصدر سابق, ص22.
95- التقرير السنوي للصندوق الدولي للتعويض عن أضرار التلوث بالزيت, 1990, ص55, متاح على الموقع الالكتروني,
96- د. نادر محمد إبراهيم, الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي مصدر سابق, ص108.
97- المادة (75/6) قانون المسؤولية البحرية الكندي لسنة 2001 المعدل.
98– Volkmar J. Hartje, oil pollution caused by tanker, accidents liability versus regulation natural resources journal, Volume 34, Issue 7, 2002 , p526.
99- D. James Payne, William, Carissa new ship, Journal of the American Chemical Society, Volume 133, Issue 27, 2011, p29.
100- احمد عبد التواب, المسؤولية المدنية عن الفعل الضار, الطبعة الأولى, دار النهضة العربية, القاهرة, 2008, ص63.
101- عبد الرشيد مأمون, علاقة السببية في المسؤولية المدنية, بحث منشور في مجلة القانون والاقتصاد ,كلية حقوق القاهرة, المجلد 49, العدد 2, 1979, ص74.
102- المادة (1/8/ أ) الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن لسنة 2001.
103- د. محسن عبد الحميد إبراهيم البيه, المسؤولية المدنية عن أضرار البيئة, الطبعة الأولى, دار النهضة العربية, القاهرة, 2000, ص123.
104- المادة (3/3/ أ, ب, ج) الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001.
105- المادة (3/4) الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية الناشئة عن أضرار التلوث بالوقود الزيتي للسفن لسنة 2001.
106– Jean-Michel, La pollution de la mer Méditerranée par les hydrocarbure liée au trafic maritimes, Thèse Docteur de l’université de Paris,école doctorale; 2010, p213, Disponible sur le Site,http://capitaineslongcours.online.fr/JYB.pdf–
107- المادة (211) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 وتعديلاته.
108- د. عبد المجيد الحكيم, د. عبد الباقي البكري, د. محمد طه البشير, الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي, الجزء الأول, مصادر الالتزام, الطبعة الأولى, مطبوعات جامعة بغداد, 1980, ص241.
109- د. محمد السيد الفقي, المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالمحروقات, مصدر سابق, ص269.
110- المادة (2701/1) قانون التلوث بالزيت الامريكي رقم (40) لسنة 1990 المعدل.
111- د. محمد السيد الفقي, المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالمحروقات, مصدر سابق, ص271.
112- المادة (3/32/ب) الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001.
113- Forster, civil liability of ship-owners for oil pollution, the journal of business law, Volume 23, Issue 9, 1973 , p27.
114–Simon, the choice of law in U.S. courts in 2000, the American Journal of Comparative Law, Vol. 49, No. 23, in 2001, p158.
115 المادة (3/4) الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001.
116- د. محمد السيد الفقي, المسؤولية والتعويض عن أضرار التلوث البحري بالمحروقات, مصدر سابق, ص280.
117- المادة (3/3/أ) الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001.
118– professeur Antoine Vialard, Il faut réformer le système de compensation Pour les dommages de pollution par les hydrocarbures, Société française de droit maritime, Avril 3, 2000, p95,Disponible sur le Site, www.afcan.org
119– Jean-Michel, op. cit, p158.
[1]– المكتب الأمريكي للشحن (ABS) هو تصنيف المجتمع, مهمته تهدف إلى تعزيز امن الأرواح والممتلكات والبيئة الطبيعة في المقام الأول من خلال تطوير والتحقق من معايير لتصميم وبناء وصيانة التشغيلية للمرافق ذات الصلة البحرية, ويعد مكتب الشحن الأمريكي, ثاني اكبر مجتمع طبقي مع أسطول تصنيف ما يقرب 12000 السفن التجارية والمنشأة البحرية, الخدمة الأساسية هي توفير خدمات التصنيف من خلال تطوير معايير ما يسمى قوانين ABS)) والتي تشكل القواعد الأساسية لتقيم وبناء سفن جديدة وسلامة السفن الموجودة والهياكل البحرية, وقد تم أنشاء المكتب الأمريكي للشحن عام 1862 من قبل الحكومة الأمريكية وخفر السواحل الأمريكية.
ويقصد بمجتمع التصنيف هي منظمات حكومية تؤسس وتحافظ على المعايير التقنية لبناء وتشغيل السفن والهياكل البحرية, والتي أنشئت عام 1760 من قبل ملاك السفن في لندن.
120- Judgment (3573/sdny/2007), United States District Court of the eastern district of Louisiana, center Justia Supreme Court of the United States, is available on the official website of the Supreme Court in the United States https://supreme.justia.com
121- Available on the official website of the U.S. Court of Appeals Second Circuit,
المصادر ..
أولا // المصادر العربية..
أ- الكتب..
1- د. أحمد عبد التواب,المسؤولية المدنية عن الفعل الضار, الطبعة الأولى, دار النهضة العربية, القاهرة, 2008.
2- د. أحمد محمود سعيد, استقراء لقواعد المسؤولية المدنية في منازعات التلوث البيئي, الطبعة الأولى, دار النهضة العربية, القاهرة, 1994.
3- د. جمال محمود الكردي, المحكمة المختصة والقانون الواجب تطبيقه بشأن دعاوى المسؤولية والتعويض عن مضارالتلوث البيئي العابر للحدود, الطبعة الأولى, دار الجامعة الجديدة, الإسكندرية, 2003.
4- د. طالب حسن موسى, القانون البحري, الطبعة الثانية, دار الثقافة, عمان, الأردن, 2012.
5- د. طالب حسين موسى, الموجز في قانون التجارة الدولية, الطبعة الأولى, دار الثقافة للنشر والتوزيع, عمان, 1977.
6- د. عبد المجيد الحكيم, د. عبد الباقي البكري, د. محمد طه البشير, الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي, الجزء الأول, مصادر الالتزام, الطبعة الأولى, مطبوعات جامعة بغداد, 1980.
7- د. عبد النور عبد الباري, تلوث البيئة, الأرض والنبات الطبعة الأولى, دار الجامعة المصرية, القاهرة, 2000.
8- د. عصمت عبد المجيد, مصادر الالتزام في القانون المدني, المسؤولية التقصيرية والعقدية, الطبعة الأولى, المكتبة القانونية, بغداد, 2007.
9- علي البارودي، مبادئ القانون البحري, الطبعة الاولى، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1983.
10- د. مجيد حميد العنبكي، القانون البحري العراقي، الطبعة الأولى, دار الحكمة، بغداد، 2002.
11- د. محسن عبد الحميد إبراهيم البيه, المسؤولية المدنية عن أضرار البيئة, الطبعة الأولى, دار النهضة العربية, القاهرة, 2000.
12- د. محمد بومدين أرواغ, آلية الضمانات وفي التامين البحري والنقل في القانون المغربي المقارن, الطبعة الأولى, دار الإمارات, الرباط , 2007.
13- د. محمود سمير الشرقاوي ,القانون البحري الليبي, الطبعة الأولى, المكتب المصري الحديث, الإسكندرية, 1970.
14- د. محمد السيد الفقي، المسؤولية والتعويض عن أضرار التلوث البحري بالمحروقات، الطبعة الأولى, منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2002.
15- د. نادر محمد إبراهيم، الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي، الطبعة الأولى, دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2005.
16- د. نبيلة إسماعيل رسلان, التأمين ضد أخطار التلوث, الطبعة الأولى, دار النهضة العربية, القاهرة, 2003.
ب // البحوث والمجلات..
1- سالم وسيع سعيد بازار، تلوث البيئة وآثاره على طبيعة الاستثمار للمواد البحرية الحية في اليمن، مجلة حضرموت للدراسات والبحوث، المجلد12, العدد 4، 2003.
2- عبد الرشيد مأمون, علاقة السببية في المسؤولية المدنية, بحث منشور في مجلة القانون والاقتصاد ,كلية حقوق القاهرة, المجلد 43, 1979.
ج // الاتفاقيات الدولية والبروتوكولات..
1- الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لسنة 2001.
2- اتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط لسنة 1969.
3- بروتوكول 1992 المعدل لاتفاقية المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بالنفط لسنة 1969.
د // القوانين..
1- قانون التلوث بالزيت الأمريكي رقم (40) لسنة 1990 المعدل.
2- قانون المسؤولية البحرية الكندي لسنة 2001 المعدل.
3- قانون التجارة البحري العثماني لسنة 1863النافذ.
4- القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 وتعديلاته.
5- قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009.
6- قانون الموانئ العراقي رقم (21) لسنة 1995.
7- مشروع القانون البحري لسنة 1987.
و/ المواقع الالكترونية..
1- التقرير السنوي للصندوق الدولي للتعويض عن أضرار التلوث بالزيت, 1990, متاح على الموقع الالكتروني, www.iopcfunds.org
2- د. سالم اللوزي, الدليل الاسترشادي لخطط الطوارئ للتلوث بالزيت في الوطن العربي, المنظمة العربية للتنمية والزراعة ,2008, ص 17, متاح على الموقع الالكتروني www.aoad.org
3- دليل الصندوق الدولي للتعويض عن انسكاب النفط, 2008, متاح على الموقع الالكتروني,
4- تفاصيل حادثة السفينة (New Carissa), متاحة على الرابط الآتي
https://www.fws.gov/oregonfwo/Contaminants/Spills/NewCarissa
5- تقرير عن زيت الوقود الثقيل, المكتب الأمريكي للشحن الولايات المتحدة الأمريكية لعام 2010, متاح على الموقع الالكتروني www.ncbi.nlm.nih.gov
ثانيا // المصادر الأجنبية..
أُ- المجلات..
1- Bruce B. Weyhrauch , oil spill litigation: private lawsuits and limitations, Tulane Maritime law Journal, volume 7, No.1, 1992,
2- D.J. Blatcher , compliance of the Royal Navy ships with emissions of nitrogen oxides, the journal Marine Pollution, Volume 40 Issue 22 in 2013, the University of London, United Kingdom.
3- (Chao) Wu, liability and compensation for pollution and bunker spill, Journal of Science and Technology, Volume 7, Issues 1-2, June 2002.
4- Forster, civil liability of ship-owners for oil pollution, the journal of business law, Volume 23, Issue 9, 1973
5- Griggs(Patrick), International Convention on Civil Liability for Bunker Oil Pollution Damage 2001, International Journal of Social Science and Humanity, Vol. 3, No. 1, January 2013.
6- Harry J. Solberg, internal marine and transportation insurance and risk, Journal of the American Marine Insurance, Vol. 25, No. 3 (November 2011).
7- Reed Smith,” International Convention on Civil Liability for Oil Pollution Damage of 2001, Journal of Maritime Law and Commerce, Vol. 55, No. 1, September, 2009.
8- Ralston, pollution liability insurance: the application of economic theory, Journal of Risk and Insurance of America, Volume 46, No. 3 (Sep2009).
9- Schoenbaum Thomas, Liability for Damages in Oil Spill Accidents: Evaluating the USA, and International Law Regimes in the Light of Deepwater Horizon, Journal of Environmental Law, Oxford University, Volume 24 Issue 3, 2012.
10- Thomas, and the responsibility for the damage the oil spill in the article: Assessment of the United States of America and the systems of international law in the light of the Deepwater Horizon, Journal of Environmental Law, Oxford University, ISSN: 09528873, Volume 24, Issue 3, 2012.
11- Volkmar J. Hartje, oil pollution caused by tanker, accidents liability versus regulation, natural resources journal, Volume 34, Issue 7, 2002 .
12- Simon, the choice of law in U.S. courts in 2000, the American Journal of Comparative Law, Vol. 49, No. 23, in 2001.
ب- المواقع الالكترونية..
1- professeur Antoine Vialard, Il faut réformer le système de compensation Pour les dommages de pollution par les hydrocarbures, Société française de droit maritime, Avril 3, 2000, p95,Disponible sur le Site, www.afcan.org
2- Griggs(Patrick), Limitation of Liability for Maritime Claims, 2004, published online,www.lawteacher.net
3- Julian hay, the efficiency of the article can be international compensation systems to prevent pollution? A discussion of the status of marine oil spills, 2009, Available on the Website,www.ivsl.org
4- Jean-Michel, La pollution de la mer Méditerranée par les hydrocarbure liée au trafic maritimes, Thèse Docteur de l’université de Paris,école doctorale; 2010, p213, Disponible sur le Site,http://capitaineslongcours.online.fr/JYB.pdf
5–D. Praban Dix, compensation for environmental damage caused by the oil spill, 2010, pp. 244, is available on the official website of the International Maritime Organization, www.imo.org
6- Report of the National Petroleum Council July 1994, H. Leighton Steward, Chairman Committee on The Oil Pollution Act National Petroleum Council,Available on the Website,www.ivsl.org