عقوبة العمل للنفع العام وفقا لقانون العقوبات الجزائري

د.ضياء عبدالله عبود الجابر الاسدي

جامعةكربلاء/كليةالقانون

في ظل التغيرات والتطورات التي تشهدها السياسة الجنائية في العديد من دول العالم لاسيما في مجال العقوبات،ظهر نظام العقوبات او العقوبة البديلة،ومن هذه العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية قصيرة الامد او العقوبات البدنية،والتي لم تعد تحقق الاهداف المرجوة من العقوبة في الردع والاصلاح،واعادة ادماج المحكوم عليهم في المجتمع وعودتهم افراد صالحين مفيدين نافعين للمجتمع، عقوبة العمل خدمة للصالح العام او الخدمة الاجتماعية كما يعبر عنها.                   .                                                                                  

ومن المشرعين الذين اخذوا بهذا النوع من العقوبات المشرع الفرنسي في قانون العقوبات الجديد لعام 1992 النافذ عام 1994، والمشرع الجزائري في تعديل قانون تنظيم السجون لعام 2005،والصادر بالقانون رقم (04/ 05) في (6/ فبراير/2005)،اذ تتولى ادارة السجون ضمان تطبيق العقوبات البديلة وفقا للقانون .                                                    

كما جاء القانون الصادر عام 2009 بالرقم(09/01) في (25/فبراير/2009)،متضمناً اضافة عقوبة العمل للنفع العام.                                                                                 .

ولم تورد التشريعات العقابية تعريفاً صريحا لتلك العقوبة لكن عرفها البعض(( بانها قيام الجانح بعمل يعود بالفائدة على المجتمع تكفيرا عن الخطأ المرتكب من طرفه وذلك دون أن يكون ذلك مقابل أجرة)) .                                                                          

طبيعة العقوبة                                      .

عدت بعض التشريعات عقوبة العمل للمنفعة العام او للنفع العام عقوبة أصلية يمكن فرضها مباشرة من قبل المحكمة المختصة دون ارتباطها بنوع اخر من العقوبات فهي العقوبة الاصلية والرئيسة في قرار الحكم.

في حين عدتها تشريعات اخرى عقوبة تكميلية تفرض بالنص عليها في قرار الحكم بعد النطق بعقوبة اصلية،وهذا ما ذهبت اليه اغلبت التشريعات العقابية في الدول الغربية.

وعدتها تشريعات اخرى عقوبة تبعية لعقوبة اصلية دون الحاجة للنص عليها في قرار الحكم الصادر بالعقوبة الاصلية.

وعدتها بعض التشريعات عقوبة بديلة للعقوبات السالبة للحرية وهذا اتجاه المشرع الجزائري

شروط إصدار عقوبة العمل للنفع العام

لقدت تضمنت المادة 05 مكرر 1 و 05 مكرر 2 شروط إصدار عقوبة العمل للنفع العام وقد جاء المنشور الوزاري رقم 02 المؤرخ في 21 أفريل 2009 لتوضيح كيفية تطبيق هذه العقوبة و شروطها ، ويمكن تقسيم هذه الشروط الى شروط تتعلق بالمحكوم عليه و العقوبة المتطرق بها و شروط تتعلق بالحكم و القرار

شـروط المتعلقـة بالمحكوم عليهأولا/

1- أن لا يكون لديه سوابق قضائية

2- أن لا يقل عمر من يراد تطبيقها عليه عن 16 سنة وقت ارتكاب الوقائع

3- موافقته الصريحة على عقوبة العمل للنفع العام

ثانياً/ شـروط الـمتعلقـة بالعقوبـة :

1- أن لا تتجاوز الععقوبة المقررة للجريمة 3 سنوات

2- أن لا تتجاوز العقوبة المنطوق بها سنة حبس نافذ

تنفيذ عقوبة العمل للنفع العام خلال 18 شهر من صيرورة الحكم النهائي3-

4- أن تتراوح مدة العمل من 40 ساعة الى 600 ساعة للبالغ

و من 20 ساعة الى 300 ساعة للقصر .

الشروط المتعلقة بالحكم مثالثا/

1- ذكر العقوبة الأصلية

2- ذكر أن عقوبة الحبس النافذ استبدلت بالعمل للنفع العام

ان يكون الحكم حضوريا3-

التنويه الى أن المحكوم عليه أعطي الحق في قبول أو رفض هذه العقوبة البديلة4-

تنبيه المحكوم عليه الى أنه في حالة الإخلال بالالتزامات تطبق عليه العقـوبة الأصليــة5-

6- ضرورة ذكر الحجم الساعي لعقوبة العمل للنفع العام

إجراءات الحكم بعقوبة العمل للنفع العام و تقدير مدتـهارابعا/

إن المشرع الجزائري جعل من عقوبة العمل للنفع العام عقوبة بديلةو، أعطى لجهات الحكم سواء على مستوى الدرجة الأولى أو الاستئناف السلطة التقديرية في إمكانية استبدال العقوبة الحبسية بعقوبة العمل للنفع العام إذ رأى القاضي جدوى في إقرار هذه العقوبة البديلة من عدمه .

وبالتالي يجب على المحكمة أو المجلس اتخاذ العقوبة الحبسية الأصلية و النطق بها قبل اللجوء لعقوبة العمل للنفع العام، بمعنى أنه بعد الانتهاء من إجراءات المحاكمة و الانسحاب للمداولة و تقريره للعقوبة الأصلية و مع توافر الشروط السابق فإنه يعود للجلسة العلنية للنطق بالعقوبة الحبسية يستطلع رأي المتهم بعدها في قبول او رفض استبدال العقوبة الأصلية بعقوبة العمل للنفع العام .

فإذا وافق المدان على عقوبة العمل للنفع العام تصرح المحكمة باستبدال عقوبة الحبس بالعقوبة البديلة مع تحديد مدة ساعات للعمل المطلوبة ، و تنبيهه بأن عدم احترامه للالتزامات المفروضة عليه سيؤدى لتنفيذ عقوبة الحبس الأصلية .

خامسا / مــدة الـعمـل للنـفـع الـعـام :

حدد القانون مدة العمل للنفع العام ما بين 40 ساعة الى 600 ساعة للبالغين

20 ساعة الى 300 ساعة للقصرأو الاحداث وقد وضعت معيار لذلك في حساب ساعات العمل حسب العقوبة الحبسية المقررة وذلك بحساب ساعتين عمل عن كل يوم حبس ، وبذلك فإنه لا يجوز أصلا النزول عن الحد الأدنى المقرر وهو 40 ساعة ولا تجاوز الأقصى المحدد بـ 600 ساعة هذا بالنسبة للبالغين ، أما بالنسبة للقصر(الاحداث) ما بين 16 الى 18 ساعة ،فلا يجوز أن تقل عن 20 ساعة ولا تزيد عن 300 ساعة.

ان هذه العقوبة البديلة فيها الكثير من الايجابيات في مقدمتها التخلص من سلبيات واثار العقوبات السالبة للحرية قصيرة الامد،فتجنب المحكوم عليه من الاختلاط بالمجرمين وتمنع تأثره بهم، كما انها اقتصادية فتقلل النفقات التي يمكن ان تنفقها الدولة على السجون وتوفير الخدمات للمحكومين من طعام وشراب وكسوة وخدمات صحية وابنية ومستلزمات الرقابة والامن اضافة للكوادر البشرية وما تحتاجه من اجور،كما انها تجعل المحكوم عليه يؤدي خدمة اجتماعية نافعة للمجتمع فتعزز لديه دافع الاصلاح والعودة للمجتمع شخصاً صالحاً،كما انه تجعله يندمج مع المجتمع وذلك من خلال الخدمة التي يقدمها والشرائح التي يتعامل معهم،مما يجعله يشعر بانسانيته وبالتالي الندم على ما ارتكبه من فعل جرمي .                            

ان هذا النوع من العقوبات مهم وضروري في الوقت الحاضر لدينا في العراق مع توفير كافة الضمانات اللازمة لتبنيه وتطبيقه.                                                                      

لما تقدم ندعو الجهات المختصة في الدولة العراقية لدراسة هذا المقترح وجعله يرى النور وحيز التطبيق من خلال تبني السلطة التشريعية ممثلة بمجلس النواب لهذا النوع من العقوبات للفوائد التي تحققها .                                                                                    

وكذلك يمكن للسلطة القضائية أو جهاز الادعاء العام، التقدم بمثل هكذا طلب للتعديل في القوانين ذات العلاقة ،وكذلك يمكن للسلطة التنفيذية ممثلة بوزارة العدل ان تتقدم بمثل هكذا مشروع لتعديل قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية،وقانون تنظيم السجون،ووفقا لما تم ذكره من احكام وما نصت عليه القوانين العقابية العربية والغربية.