الجوف وأيقونة الزيتون
الجوف وأيقونة الزيتون
عبداللطيف الضويحي
في ظل غياب الدراسات الاقتصادية الزراعية لمنطقة يقوم اقتصادها على الزراعة والمنتجات الزراعية التقليدية والحديثة، ينطلق اليوم مهرجان الجوف للزيتون بنسخته الثامنة، وبمشاركات متزايدة من مزارعي الزيتون ومنتجيه ومصدريه.
تمنيت بأن ينعقد مهرجان الجوف للزيتون سنويا بالتزامن وعلى هامش مؤتمر للزيتون تنظمه جامعة الجوف بمشاركة جامعات سعودية ومع جامعات عالمية متخصصة في دراسات الزيتون، وبالتوأمة الكاملة مع المجلس العالمي للزيتون، وصولا للزراعة الذكية للزيتون وتحسين المنتجات من الزيت والزيتون وبقية المنتجات. فمن المعروف القيمة العلمية التي تتمخض عنها المؤتمرات العلمية والورش المصاحبة لها والمحاضرات وتأثيرها الإيجابي المباشر في رفع الوعي ليس فقط بين المتخصصين ولكن بين المهتمين والمعنيين بهذا المحصول على حد سواء.
أشك بأن يستمر وهج ونجاح مهرجان الجوف للزيتون مستقبلا إذا بقي مقتصرا على عرض محاصيل الزيت والزيتون الذي يقدمه المزارعون، فإذا كان الهدف من المهرجان هو أن يكون سوقا لبيع وتصريف منتجات المزارعين، فهو هدف تجاوزه كثير من المزارعين ولم يعد أغلب المزارعين بحاجة لتسويق منتجاتهم من خلال المهرجان، لأن الطلب المتزايد على زيتون الجوف وزيوته تفوق العرض بل إن الكثير من المزارعين يبيعون منتجاتهم قبل موسم المهرجان بجهودهم التسويقية الذاتية، سألت المهندس محمد البراهيم الرئيس التنفيذي لمهرجان الجوف للزيتون عن إمكانية تطوير هدف المهرجان في المستقبل ليتجاوز الهدف التسويقي والسياحي فقال بأن المهرجان يمنح مزارعي الزيتون شهادة جودة محاصيلهم من خلال مختبرات تتأكد من نقاء الزيوت من الحموضة والمعادن الثقيلة والتزنخ والرطوبة والغش فضلا عن أن المهرجان يتوج بجائزة الأمير فهد بن بدر للزيتون والتي تبلغ قيمتها 500 ألف ريال للزيتون وزيت الزيتون يظفر بها المزارعون على محصولهم الأجود ما يدفع أغلبية المزارعين يشاركون بها.
وقد أكد المهندس البراهيم بأن الفحوصات المختبرية والتي تتم بالتنسيق مع هيئة الغذاء والدواء وتتطابق مع المواصفات العالمية التي يعتمدها المجلس العالمي للزيتون تجعل المزارعين يتهافتون على المهرجان للحصول على شهادة الجودة والتي تعد صكا تسويقيا لهم فيما بعد، وفي تصوري أن هذا الإجراء أصبح مهما للغاية في مواجهة حملة ممنهجة يقودها بعض الإعلاميين نيابة عن بعض تجار زيت الزيتون المستورد ودفاعا عن مصالحهم، حيث لم يقدم هؤلاء الإعلاميون دليلا واحدا على صحة ادعائهم. كما أكد المهندس البراهيم بأن «واحة الزيتون» والتي أعلنت عنها أمانة منطقة الجوف تم إحياؤها من جديد وقد أنجزت 40 % من العمل وهي بلا شك تعد في حالة إتمامها تحولا مهما في التنمية الزراعية.
ومع ذلك وفي ظل انتشار المهرجانات والمعارض مؤخرا في عدد من مناطق المملكة ومدنها، إلا أن تلك المعارض والمهرجانات لاتزال حبيسة المفهوم الضيق للتسويق المباشر والسياحة العادية، فإن كنا نؤمن بتلك المعارض والمهرجانات وسيلة لتحقيق أهدافها، تعاني الكثير من تلك المهرجانات والمعارض من تدني سقف أهدافها، فهي أهداف لا تزال بعيدة عن إحداث الأثر العميق في الثقافة المحلية بما تتطلبه المنافسة الاقتصادية وتحديات فتح المزيد من فرص الاستثمار والعمل على صعيد استقطاب في مجملها عن المنافسة الحقيقية التي تجعل هذه النشاطات صناعة مؤسساتية متجددة تحمل الفكر والوعي الاقتصادي الثقافي.
إن جامعة الجوف مطالبة اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى بأن تلامس الأرض وأن تضع يدها في الحقول وتستنطق العقول وتعيد للمختبرات مرجعيتها والدراسات صدارتها فتبلور اقتصادات المنطقة على أسس علمية، مثلها في ذلك مثل باقي جامعاتنا الفتية والعريقة في المناطق الأخرى. والحقيقة أنني لا أشك أبدا بإخلاص ومهنية مدير جامعة الجوف الدكتور إسماعيل البشري وزملائه في الجامعة ولا أشكك بقدرته على قيادة التغيير والتحول الثقافي الاقتصادي المنتظر والضروري في منطقة هي الأسوأ في معدل البطالة بين مناطق المملكة، بينما تزخر المنطقة بمواردها المائية والزراعية والأثرية التاريخية السياحية والموارد البشرية. فليس المطلوب اختراع العجلة، وإنما وضع الحصان أمام العربة وليس العكس.
وزارة الزراعة مطالبة بأن تتخلى عن سلبيتها وأن تتحمل مسؤوليتها تجاه المزارعين توعية وإرشادا ومساعدة وأن تكون جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة، فمن غير المقبول أن تبقى متفرجة مع الجمهور في مناسبة كمناسبة مهرجان الزيتون.
فصغار المزارعين والمزارع المتوسطة تعاني الشح بالعمالة والتوعية والإرشاد والقطاف والوسائل الزراعية الحديثة، وهنا دور الزراعة بإعادة تقييم المعونات مقارنة بالشركات الزراعية التي تملك رأس المال والعمال والميكنة والخبراء. كما أن صندوق التنمية الزراعية مطالب بأن يعيد دراسة برامجه في ضوء ثقافة العمل في المجتمعات المحلية وتبعا للمنتجات الزراعية في كل منطقة.
إن منتجات الزيتون تمثل نصف النجاح، لكن نصفه الآخر هو الإدارة المستمرة والمستقرة والقائمة على الشراكة العميقة مع المنتجين والمستهلكين.
عبداللطيف الضويحي
في ظل غياب الدراسات الاقتصادية الزراعية لمنطقة يقوم اقتصادها على الزراعة والمنتجات الزراعية التقليدية والحديثة، ينطلق اليوم مهرجان الجوف للزيتون بنسخته الثامنة، وبمشاركات متزايدة من مزارعي الزيتون ومنتجيه ومصدريه.
تمنيت بأن ينعقد مهرجان الجوف للزيتون سنويا بالتزامن وعلى هامش مؤتمر للزيتون تنظمه جامعة الجوف بمشاركة جامعات سعودية ومع جامعات عالمية متخصصة في دراسات الزيتون، وبالتوأمة الكاملة مع المجلس العالمي للزيتون، وصولا للزراعة الذكية للزيتون وتحسين المنتجات من الزيت والزيتون وبقية المنتجات. فمن المعروف القيمة العلمية التي تتمخض عنها المؤتمرات العلمية والورش المصاحبة لها والمحاضرات وتأثيرها الإيجابي المباشر في رفع الوعي ليس فقط بين المتخصصين ولكن بين المهتمين والمعنيين بهذا المحصول على حد سواء.
أشك بأن يستمر وهج ونجاح مهرجان الجوف للزيتون مستقبلا إذا بقي مقتصرا على عرض محاصيل الزيت والزيتون الذي يقدمه المزارعون، فإذا كان الهدف من المهرجان هو أن يكون سوقا لبيع وتصريف منتجات المزارعين، فهو هدف تجاوزه كثير من المزارعين ولم يعد أغلب المزارعين بحاجة لتسويق منتجاتهم من خلال المهرجان، لأن الطلب المتزايد على زيتون الجوف وزيوته تفوق العرض بل إن الكثير من المزارعين يبيعون منتجاتهم قبل موسم المهرجان بجهودهم التسويقية الذاتية، سألت المهندس محمد البراهيم الرئيس التنفيذي لمهرجان الجوف للزيتون عن إمكانية تطوير هدف المهرجان في المستقبل ليتجاوز الهدف التسويقي والسياحي فقال بأن المهرجان يمنح مزارعي الزيتون شهادة جودة محاصيلهم من خلال مختبرات تتأكد من نقاء الزيوت من الحموضة والمعادن الثقيلة والتزنخ والرطوبة والغش فضلا عن أن المهرجان يتوج بجائزة الأمير فهد بن بدر للزيتون والتي تبلغ قيمتها 500 ألف ريال للزيتون وزيت الزيتون يظفر بها المزارعون على محصولهم الأجود ما يدفع أغلبية المزارعين يشاركون بها.
وقد أكد المهندس البراهيم بأن الفحوصات المختبرية والتي تتم بالتنسيق مع هيئة الغذاء والدواء وتتطابق مع المواصفات العالمية التي يعتمدها المجلس العالمي للزيتون تجعل المزارعين يتهافتون على المهرجان للحصول على شهادة الجودة والتي تعد صكا تسويقيا لهم فيما بعد، وفي تصوري أن هذا الإجراء أصبح مهما للغاية في مواجهة حملة ممنهجة يقودها بعض الإعلاميين نيابة عن بعض تجار زيت الزيتون المستورد ودفاعا عن مصالحهم، حيث لم يقدم هؤلاء الإعلاميون دليلا واحدا على صحة ادعائهم. كما أكد المهندس البراهيم بأن «واحة الزيتون» والتي أعلنت عنها أمانة منطقة الجوف تم إحياؤها من جديد وقد أنجزت 40 % من العمل وهي بلا شك تعد في حالة إتمامها تحولا مهما في التنمية الزراعية.
ومع ذلك وفي ظل انتشار المهرجانات والمعارض مؤخرا في عدد من مناطق المملكة ومدنها، إلا أن تلك المعارض والمهرجانات لاتزال حبيسة المفهوم الضيق للتسويق المباشر والسياحة العادية، فإن كنا نؤمن بتلك المعارض والمهرجانات وسيلة لتحقيق أهدافها، تعاني الكثير من تلك المهرجانات والمعارض من تدني سقف أهدافها، فهي أهداف لا تزال بعيدة عن إحداث الأثر العميق في الثقافة المحلية بما تتطلبه المنافسة الاقتصادية وتحديات فتح المزيد من فرص الاستثمار والعمل على صعيد استقطاب في مجملها عن المنافسة الحقيقية التي تجعل هذه النشاطات صناعة مؤسساتية متجددة تحمل الفكر والوعي الاقتصادي الثقافي.
إن جامعة الجوف مطالبة اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى بأن تلامس الأرض وأن تضع يدها في الحقول وتستنطق العقول وتعيد للمختبرات مرجعيتها والدراسات صدارتها فتبلور اقتصادات المنطقة على أسس علمية، مثلها في ذلك مثل باقي جامعاتنا الفتية والعريقة في المناطق الأخرى. والحقيقة أنني لا أشك أبدا بإخلاص ومهنية مدير جامعة الجوف الدكتور إسماعيل البشري وزملائه في الجامعة ولا أشكك بقدرته على قيادة التغيير والتحول الثقافي الاقتصادي المنتظر والضروري في منطقة هي الأسوأ في معدل البطالة بين مناطق المملكة، بينما تزخر المنطقة بمواردها المائية والزراعية والأثرية التاريخية السياحية والموارد البشرية. فليس المطلوب اختراع العجلة، وإنما وضع الحصان أمام العربة وليس العكس.
وزارة الزراعة مطالبة بأن تتخلى عن سلبيتها وأن تتحمل مسؤوليتها تجاه المزارعين توعية وإرشادا ومساعدة وأن تكون جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة، فمن غير المقبول أن تبقى متفرجة مع الجمهور في مناسبة كمناسبة مهرجان الزيتون.
فصغار المزارعين والمزارع المتوسطة تعاني الشح بالعمالة والتوعية والإرشاد والقطاف والوسائل الزراعية الحديثة، وهنا دور الزراعة بإعادة تقييم المعونات مقارنة بالشركات الزراعية التي تملك رأس المال والعمال والميكنة والخبراء. كما أن صندوق التنمية الزراعية مطالب بأن يعيد دراسة برامجه في ضوء ثقافة العمل في المجتمعات المحلية وتبعا للمنتجات الزراعية في كل منطقة.
إن منتجات الزيتون تمثل نصف النجاح، لكن نصفه الآخر هو الإدارة المستمرة والمستقرة والقائمة على الشراكة العميقة مع المنتجين والمستهلكين.