المعهد القضائي بين النص القانوني والواقع

د.ضياء الجابر الاسدي

ما نركز عليه في هذه الورقة هو مسألة غاية في الأهمية حسب ما نراها،وهي  المعهد القضائي النص القانوني والواقع،وهل هو ملبي للطموح فيما يتعلق بإعداد الكوادر القضائية المتخصصة والمؤهلة،والتي تحتاجها ميادين القضاء((من قضاة،وقضاة منتدبين لمهام الادعاء العام،ومحققين)).

وسنحاول تناول ما سجلناه على عمل المعهد في فقرات(أربع) نطرحها كمقترحات على وزارة العدل،وفقاً لمقتضيات الحال،ويمكننا أن نسميها(المعهد القضائي في الميزان)،ميزاننا الشخصي العلمي الأكاديمي والعملي الذي نأمل أن يكون موضوعياً وحيادياً في الطرح والتقييم، والذي ننشد من ورائه الفائدة والمصلحة العامة وكما يأتي:-

أولاً/ أعداد الطلبة المقبولين

ما يؤشر على خطة القبول في المعهد العدد المحدود في القبول(محدودية الأعداد المقبولة)،والذي لا نراه يتناسب مع الحاجة الفعلية للمحاكم وعلى المستويين القضاء،والادعاء العام،فآلاف تتقد للانضمام للمعهد والذين يقبلون بين (50-75).

الأمر الذي يحتاج إلى إعادة نظر وتوسيع خطة القبول بما ينسجم مع الحاجة الفعلية للجهاز القضائي،والذي كوادره بين من يتوفاه الله برحمته والى رحمته،وبين من يتقاعد من الوظيفة لأسباب مختلفة،وبين المنسب أو المنقول لوظيفة أخرى.

وهذا الأمر يتم بالتنسيق بين الوزارة ومجلس القضاء الأعلى،على أن تراعى الكثافة السكانية لكل محافظة،وأن تخصص نسبة في ضوء ذلك لكل محافظة وفق خطة تقدم من قبل رئيس الاستئناف إلى مجلس القضاء الأعلى،بالأعداد والمبررات،مدعومة برأي مجلس القضاء الأعلى بخصوص الزخم الوظيفي فيها فيما يتعلق بالدعاوى المنظورة.

ثانياً/ ارتباط المعهد القضائي بالوزارة

مع التقدير والاعتزاز للجهود التي بذلتها وتبذلها الوزارة في إطار عمل المعهد القضائي ،ولكننا نرى ضرورة فك ارتباط لمعهد من الوزارة وإلحاقه إداريا ووظيفياً بمجلس القضاء الأعلى،وذلك لأسباب عدة نذكر منها ما يأتي:-

1-عملاً بمبدأ استقلالية القضاء،والذي نعتقد أن أحدى صوره ومصاديقه،استقلالية المعهد القضائي،وجعله جهازاً أو مؤسسة مستقلة،خاضعة لإشراف ورقابة مجلس النواب، أو إلحاقها بمجلس القضاء الأعلى باعتباره ممثل السلطة القضائية،والذي يقع على عاتقه أعداد وتهيئة الكوادر القضائية اللازمة لعمل القضاء،وبالتالي عدم السماع بالتحجج بقلة الكوادر القضائية،والذي نسمعه بين الحين والآخر.

2-وزارة العدل جزء من السلطة التنفيذية،وعملاً بمبدأ الفصل بين السلطات وتفعيله، نرى إنهاء تبعية المعهد القضائي لوزارة العدل،فإذا كانت التبعية والارتباط تنسجم مع الوضع القانوني السابق قبل عام(2003)، عندما كان وزير العدل هو المسؤول الأول للجهاز القضائي في العراق،فأن هذا الأمر لا نراه ينسجم مع الأوضاع الدستورية والقانونية الحالية ،لاسيما بعد الفصل بين السلطتين ،وإناطة معظم الصلاحيات والسلطات التي كانت لوزير العدل إلى مجلس القضاء الأعلى أو رئيسه،مع بقاء ارتباط عدد من المديريات بالوزارة.

ثالثاً/ الدراسة في المعهد وأقسامه

وفقاً للنظام الدراسي على مدار سنتين وحسب معلوماتنا البسيطة لا توجد في المعهد أقسام تخصصية من السنة الأولى،بل يقتصر الأمر في السنة الثاني على تقسيم الطلبة تمهيداً لتوزيعهم في عمل القضاة أو الادعاء العام،وهذا الأمر لا نرى فيه الكفاية المطلوبة لإعداد الكوادر القضائية المتخصصة والمطلوبة،والتي تسهم في دعم الجهاز القضائي بشقيه القضاة،والادعاء العام.

ومن اجل تفعيل فكرة التخصص ((التي خصصنا لها ورقة عمل أخرى مستقلة))والتي ينادي بها الكثيرون وفي جميع المجالات،ومنها القضاء،وعوداً على مسألة التخصص المطلوب في عمل القضاة،استفادة من الجهد واختصاراً للوقت،وتحقيقاً لدقة ورصانة أكبر للعمل القضائي ،نرى ضرورة افتتاح أو استحداث أقسام متخصصة في المعهد(القسم المدني،القسم الجزائي،قسم الأحوال الشخصية والمواريث،القسم الإداري،قسم رعاية الأحداث(الأحداث).

رابعاً/ عدم السماح بالاستثناءات أطلاقاً في مجال القبول

فما تم ملاحظته أن هناك أكثر من دورة تم القبول فيها وفقاً للمادة القانونية التي تجيز الاستثناء(الفقرة ثالثاً من المادة36) من قانون التنظيم القضائي رقم(160) لسنة 1979 المعدل،والتي لا نراها تحقق الغاية والمراد المطلوبة في أعداد الكوادر القضائية المنشودة.

وللخروج من هذا الاضطرار الذي يراه البعض كذلك،وعدم اللجوء إليه،ونحن نخالفهم في ذلك،هو الأخذ بالدعوة التي وجهناها في الفقرة(أولاً) للجهة أو الجهات القائمة على المعهد في توسيع خطة القبول،منعاً من التحجج بعد ذلك بقلة الكوادر والحاجة إلى الزيادة،فيتم اللجوء إلى الاستثناء،والذي لا نؤيد اللجوء إليه أطلاقاً.