قراءة في قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959
د. عبير نوري القطان
جامعة كربلاء / كلية القانون
نصت المادة الثانية من دستور العراق لسنة ٢٠٠٥ على انه :
أولاً/الاسـلام دين الدولــة الرسمي، وهـو مصدر أســاس للتشريع
لايجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام .
لايجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية .
لايجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور .
ثانياً/يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الافراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والآيزديين والصابئة المندائيين .
اعتراف الدستور بان الاسلام دين الدولة الرسمي هذا يعني عدم السماح بتطبيق قوانين مخالفة للشريعة الاسلامية والجميع يعلم مخالفة قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ لاحكام الشريعة الإسلامية…
كما ان الحريات مكفولة استنادا للشريعة الاسلامية السمحاء من جهة والدستور من جهة اخرى حيث نصت الفقرة ذاتها على عدم نص قانون يتعارض مع حقوق الافراد وحرياتهم …
وعليه جاء في مشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية بانه(للعراقي والعراقية عند ابرام عقد الزواج اختيار المذهب السني او الشيعي…)
يعني لم يجبر شخص على اتباع احكام مذهب معين فله الحرية في اختيار طريق الحكم وعلى تفصيل عادل من يريد ليراجع المدونة في المادة الاولى منها …
كما ولم يجبر العلمانيين على اتباع احكامه فلهم البقاء على قانون الاحوال الشخصية رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ وهذا ليس الا تطبيقا للمادة الثانية من الدستور في الحفاظ على الحريات والمادة ٤١ الخاصة بضمان حقوق الافراد في الالتزام باحوالهم الشخصية وحسب مذاهبهم…
فلم تلك الضجة؟!!!
اما بالنسبة لما جاء من معارضة ضد المدونة على انها تشجع زواج القاصرات وذلك استناداً للمادة الخامسة منها والتي جاء فيها :
(تصادق محكمة الاحوال الشخصية عقود الزواج التي يبرمها الافراد البالغون من المسلمين على يد من لديه تخويل شرعي او قانوني من القضاء او من ديواني الوقفين الشيعي والسني بابرام عقود الزواج بعد التاكد من توافر اركان العقد وشروطه وانتفاء الموانع في الزوجين)
نرى في ذلك محافظة على حقوق المرأة،حيث يشهد الواقع حالات الزواج خارج المحكمة والتي مرعليها سنين دون اي اثبات للحقوق الشرعية للمرأة بحجة ان ما يفعله لا يخالف الشرع فلا اهمية للقانون ،مما ادى الى حرمان الكثير من الدخول للمدرسة بسبب عدم امتلاكهم لابسط حقوقهم وهي الهوية المدنية نتيجة عدم مصادقة عقد زواج الاب والام…
وفق مدونة التعديل سيكون القانون حامياً لحقوق جميع افراد الاسرة سواء المرأة او الرجل بل حتى الأبناء للمصادقة على عقد الزواج من قبل المحكمة
كما ان من يعترض على زواج البالغة الماذون لها نقول في ذلك:
ان البلوغ الشرعي للمرأة لايعني انها مؤهلة للزواج مالم يتوفر شرطان وهو الاستعداد النفسي والجسدي للمرأة بعد موافقتها وموافقة وليها وكذلك الشاب الذي يريد ان يقبل على الزواج.. .
اتساءل هل تستطيع منع البالغ من النضوج الطبيعي له وما يحتاجه ؟
الفكر الاخر عجيب امره يحلل الزنا والشذوذ ليلبي للشباب متطلباتهم الغريزية ويحرم الزواج المبكر !!
لماذا لانعي هذه الامور؟! الم ينتشر الشذوذ وبات في بعض البلدان امرا عاديا بعد ان كان كارثة تدينه كل الدول والشعوب بل أصبحت له قوانين تنظم العلاقات الشاذة وحقوقها تحت مسمى الحرية والديمقراطية …
الى اين نحن الى اين ؟ مستعمرون فكريا لا جدال…
كما ان المدونة لم ياتي فيها اجبار على زواج القاصرات بل حفظ لحقوقها بالمصادقة على الزواج الذي يجري خارج المحكمة دون علم القضاء والتي نتج عنها الكثير من التنافر بين الزوجين وعدم الاعتراف بالاولاد بشكل رسمي كما بينا …
ليس اعظم من الاسلام في ضمان حقوق المرأة والرجل وحرياتهما لانه دين يراعي حقوق الجميع حتى الأقليات فلا يظلم شخص اعتنق احكامه وان كان غير مسلماً، لكن العجب من المسلمين انفسهم ممن صدقوا الاشاعات التي يطرحها الطرف الاخر ضد الإسلام محاولة منه لتطبيق الاحكام العلمانية في دولة الإسلام …
تمسك بهويتك الإسلامية ولا تجعل للفكر الفردي الاناني يتناغم مع عقلك وسلوكك ان كنت مسلما حقيقيا أما ان كنت قد تخليت عن هويتك الاسلامية واصبحت مغزواً فكريا فهذا بحث اخر…
ولحماية حقوق افراد الاسرة نطالب بإقرار قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 وكلنا أمل بالاشراف وأصحاب الهمم في البرلمان وكل من له نفوذ في اقراره ان يعجلوا ذلك حفاظا على حريات الجميع….
بقلم / د. عبير نوري القطان
جامعة كربلاء / كلية القانون