قراءة في قرار قضائي صادر من محكمة الاحوال الشخصية محافظة بغداد بالعدد 311/ش/2022 في 26/6/2022 ومنقوض بالتمييز لدى محكمة التمييز الاتحادية في العدد 10138/2022 بالتسلسل 10062 في 26/7/2022 / غير منشور

حيثيات القرار : أدعاء المدعية بواسطة وكيلها لدى محكمة الاحوال الشخصية في بغداد – جديدة  بأن المدعو (س) ولدها وقد فقد في فترة لم تحددها ولكن وصفتها في عريضة الدعوى بالطويلة وطلبت الحكم بعده متوفياً ، قامت محكمة الاحوال الشخصية بتحديد موعد بالمرافعة واجرائها حضورياً بحق المدعى عليه إضافة لوظيفته ، وبعد اجراء المرافعات الاصولية في الدعوى اصدرت محكمة الاحوال الشخصية ، بغداد ، قرارها بتاريخ 26/6/2022 بعدد 311 / ش/ 2022 قراراً قضائياً قاضياً بوفاة المدعى عليه منذ صدور الحكم استناداً إلى نص المادة 95 من قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 النافذ والمعدل ([1])  . وهنا ذيلت محكمة الاحوال الشخصية في بغداد عجز القرار بإلزام المدعية التي هي والدة المتوفي بالعدة الشرعية وحددتها لمدة اربعة اشهر وعشرة ايام وحملت المدعية ([2]) الرسوم والمصاريف وهذا قرار محكمة الاحوال الشخصية في بغداد .

بعد اصدار هذا القرار ارسلت محكمة الاحوال الشخصية / بغداد – الجديدة الدعوى إلى محكمة التمييز الاتحادية من أجل اجراء التدقيقات التمييزية عليها وفقاً لنص المادة 309 من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 النافذ المعدل ([3]). وذلك لإجراء التدقيق التمييزي عليها .

بعد إن وصل القرار الخاص بالاحوال الشخصية باوراق الدعوى إلى محكمة التمييز الاتحادية / هيئة الاحوال الشخصية ، دققتها المحكمة وقررت محكمة التمييز الاتحادية / هيئة الاحوال الشخصية إن القرار الصادر من محكمة الاحوال الشخصية / بغداد المذكور اعلاه بالعدد 311/ش/2022 وبتاريخ 26/6/2022 وجدت إنه مخالف للشرع والقانون وقررت نقضه وعللت قرارها بـ : 1- لا يجوز إلزام المدعية والدة المدعى عليه بالعدة الشرعية لأنها والدة المتوفي . 2- بعد اجراء التدقيقات التمييزية وجدت محكمة التمييز الاتحادية / هيئة الاحوال الشخصية إن الحالة الاجتماعية للمفقود حسب ما هو مؤشر في النسخة الضوئية بقيد الاحوال المدنية الخاص بالعائلة هو إن المدعى عليه كان اعزب وبالتالي فإن المحكمة وقعت في خطأ جوهري وكان موجب للنقض وخطئها هذا يراه الكاتب إنه مقسم إلى شقين الأول تعلق بالجانب الاجرائي والثاني قد تعلق بالجانب الموضوعي ، فبالنسبة للجانب الاجرائي عدم ارفاقها نسخة ضوئية حديثة تبين الحالة الاجتماعية بالنسبة للمفقود إذ تبين إنه أعزب أما الشق الثاني فأنه كان على المحكمة ([4]) عدم اشارتها إلى موضوع العدة الشرعية كون المدعية هي والدة المفقود وهذا ما أكدته محكمة التمييز الاتحادية بنقضها للقرار المذكور وجاء قرارها بالنقض باتفاق جميع أعضاء هيئة الاحوال الشخصية في محكمة التمييز الاتحادية وصدر في 26 ذي الحجة 1443 والموافق 26/7/2022 .

التعليق على القرار : إن اصدار محاكم الاحوال الشخصية في عموم العراق ومنها ما مذكور أعلاه في محكمة الاحوال الشخصية التابعة إلى استئناف بغداد – الجديدة على وجه الخصوص ينبغي عليها بعد هذا الخطأ الذي وصفته محكمة التمييز الاتحادية / هيئة الاحوال الشخصية بالخطأ الجوهري إذ كان لزاماً عليها أن تتوخى الدقة في قراراتها هذا بموجب القانون فضلاً عن تعلق ذلك بمصالح الناس عامة ، ومن هذا المنطلق فلا اريد أن انتقد او اشكك في قدراته وجهودهم المضنية وعدالتهم ولكن هذا القرار المذكور اعلاه في حقيقته يمثل واحد من القرارات التي لا ترقى إلى مستوى الطموح في القضاء العراقي الذي عُرف بنزاهته وإمكاناته وقدرته العلمية والعملية على حدٍ سواء ومن هذا الباب فهل إن اعتبار القرار الصادر في 26/6/2022 بالعدد 311/ش/ محكمة الاحوال الشخصية / بغداد الذي شابه خطأ جوهري وقررت محكمة التمييز نقضه انتكاسة في الواقع العملي ؟ فضلاً عن اعتباره مخالف للشرع والقانون بنص قرار محكمة التمييز المذكور بالتاريخ والعدد اعلاه ولعلنا نتساءل كذلك مدى إمكان اعتبار قرار القاضي الصادر من محكمة الاحوال الشخصية / بغداد فيه من الخطأ المهني وهل يمكن وصفه بالخطأ المهني الجسيم ؟ وينبغي ترتيب الأثر عليه ؟ أم إن محكمة التمييز الاتحادية قد اكتفت بنقض القرار باعتباره خطأ جوهري فقط ؟ ولعلنا نجيب على ذلك إن هذا القرار شابه فضلاً عن الخطأ الجوهري تقصير واضح في عمل القاضي الذي يوصف قانوناً بالخطأ المهني الجسيم الذي ينبغي أن يرتب الأثر القانوني عليه ونرى بأنه يمكن تعليل وتقليل هذه الاخطاء باتخاذ اجراءين الأول هو يتعلق بتخصص القضاء والتي نعتبرها من هنا دعوة لحل كثير من الاشكالات والثاني المراقبة القضائية التي ينبغي أن تفرض بنص القانون فضلاً عن توسيع دائرة الطعن التمييزي الوجوبي الذي اشار إليه قانون المرافعات المدنية 83 لسنة 1969 النافذ والمعدل ([5]) ، و قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 النافذ . لتشمل القدر الاكبر من القرارات القضائية .          


([1]) يعتبر هذا القانون من القوانين التي صدرت في فترة الثمانينات وهو يعتبر من التشريعات الخاصة بادارة اموال القاصرين إذ تميز بالتركيز على الجانب المالي والمحافظة على اموال القاصر وادارتها إذ تنص المادة 95 من هذا القانون المذكور “يعتبر يوم صدور الحكم بموت المفقود تاريخاً لوفاته” .

([2]) محكمة الاحوال الشخصية / بغداد الجديدة .

([3]) تنص المادة 309 من قانون المرافعات المدنية : 1- الاحكام الصادرة على بيت المال والاوقاف او الصغار او الغائبين او المجانين او المعتوهين او غيرهم من ناقصي الاهلية والاحكام المتضمنة فسخ عقد الزواج وكذلك الحجج المعتبرة بمثابة الاحكام كالحجج المتعلقة باستبدال الاوقاف والاذن بالقسمة الرضائية إذا لم تميز من قبل ذوي العلاقة فعلى القاضي ارسال الاضبارة في اقرب وقت ممكن إلى محكمة التمييز لإجراء التدقيقات التمييزية عليها . 2- لا تنفذ الاحكام والحجج المذكورة في الفقرة السابقة ما لم تصدق من محكمة التمييز . وننوه هنا إن حكم الفقرة الاولى قد عدلت وحذفت منها عبارة التفريق او الطلاق في الفقرة 1 من المادة 309 بموجب قانون التعديل الثالث الصادر بالرقم 116 لسنة 1973 .  

([4]) المراد بالمحكمة هنا محكمة الاحوال الشخصية / بغداد .

([5]) ينظر : د. ادم وهيب النداوي ، قانون المرافعات المدنية ، مطبعة العاتي ، القاهرة ، ص403 وما بعدها .