• الأولى صفقة الملف النووي الإيراني، والتي سيترتب عليها إعادة عمل واشنطن بسياسة اقصى الضغوط لإجبار طهران على الرضوخ لإرادة واشنطن، ومن المتوقع عدم قبول طهران التنازل ومواجهة عقوبات واشنطن بكل الطرق المتوفرة لديها، مما يعني المزيد من التصعيد بين الجانبين وسيكون لذلك تداعيات في عموم ساحات الصراع في الشرق الأوسط، لاسيما الساحة العراقية، والتي سيصيبها الشرر من الجانبين اعتمادا على مدى قربها من طرف على حساب الطرف الآخر.
  • والثانية صفقة إيقاف الحرب في غزة، فواشنطن لاسيما خلال مدة البطة العرجاء التي تمر بها الإدارة الامريكية ستطلق العنان لإسرائيل لتكون أكثر قسوة وجرأة في إدارة الحرب مع خصومها لتغيير معادلات القوة في الشرق الأوسط، ومحاولة تشكيل شرق أوسط جديد لا يشكل تهديدا للمصالح الامريكية-الإسرائيلية. وهذا يعني ان الإدارة الجديدة ستعطي ضوءً اخضرا لتل ابيب لتحقيق أهدافها قبل تولي ترامب سلطته رسميا، واعداد الأرضية المناسبة للوصول الى صفقة سلام تلبي شروطهما، مما يعني ان الصراع بين أطراف هذه الحرب سيتصاعد في محاولة من كل طرف لفرض واقع ميداني يصب في مصلحته عند الجلوس على طاولة مفاوضات الصفقة النهائية.

تعيش حكومة بغداد وضعا شائكا ومعقدا للغاية بسبب صراع واشنطن وطهران ومحاولتهما التوصل الى عقد صفقتيهما أعلاه، ويكمن كعب أخيل الدولة العراقية في ثلاثة امور، هي:

  • الانقسام السياسي الداخلي، نتيجة وجود قوى سياسية تحمل ولاءات واجندات سياسية متقاطعة، تضعف قوة ومصداقية قرارات الحكومة، وتؤثر على فاعليتها في التمتع بصلاحياتها وأداء مهامها، ومن المتوقع ان يزداد هذا الانقسام خلال السنة القادمة، كونها سنة انتخابية ستحاول فيها كل من طهران وواشنطن التدخل في مسار الانتخابات لتأتي نتائجها بما يتوافق مع مصالحهما ونفوذهما في العراق.
  • الضعف المؤسساتي الحكومي، وبروز فواعل غير حكومية مسلحة بشكل جيد ترتبط بقوى خارجية، ولديها القدرة والجرأة في تجاهل سياسات وقرارات الحكومة الاتحادية، مما يجعل الحكومة غير محتكرة لوحدها قرار الحرب والسلام، وهذا يعني ان العراق قد ينزلق مكرها الى الصراع الأمريكي- الإيراني بسبب حرب غزة او بسبب تداعيات الملف النووي الإيراني، لتجد حكومته نفسها في قلب العاصفة بلا تخطيط او استعداد مسبق.
  • هشاشة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، فالعراق عانى لعقود طويلة من الصراعات والحروب التي لم يتعافى منها اجتماعيا واقتصاديا، وتورطه في الصراع بين قوة كبرى دولية (الولايات المتحدة)، وقوة كبرى إقليمية (إيران) يجعله الطرف الأضعف في المعادلة، مما يرشحه ليكون ساحة الصراع المفضلة للطرفين، وهذا بدوره سيزعزع استقراره الأمني والسياسي، ويهدد استقراره الاقتصادي والاجتماعي.
  • اسراع الحكومة العراقية بفتح حوار شامل بين القوى السياسية النافذة، سواء كانت في السلطة ام خارجها، واشراك جميع الفواعل غير الحكومية في هذا الحوار، من اجل توضيح طبيعة الوضع المعقد الذي يمر فيه العراق والمنطقة، وخطورة القرارات والمواقف المستعجلة والمنفردة على مصالح البلد العليا، وضرورة تركيز الجهود لأقناع الجميع بأولوية استقرار العراق وتطوير قدراته الشاملة، وانعكاسات ذلك المستقبلية المفيدة للجميع.
  • وجود سياسة خارجية فاعلة ومؤثرة وقابلة للتصديق من جميع الأطراف الإقليمية والدولية بأن العراق غير راغب في التورط بالصراعات الخارجية، وانه مع حفاظه على ثوابته الوطنية يرغب بلعب دور صانع السلام والاستقرار في المنطقة أكثر من دور مشعل الحروب والصراعات.
  • ابعاد الصقور من القوى السياسية والفصائل المسلحة عن المشهد السياسي، وفسح المجال للمعتدلين ليكونوا أصحاب القول الفصل عند اتخاذ القرارات والمواقف المفيدة للعراق وشعبه، ويمكن الاستفادة من التجربة الإيرانية الأخيرة عندما جرى تقديم الإصلاحي المعتدل (الرئيس بزشكيان) لتصدر المشهد في طهران خلال المرحلة المقبلة.
  • وحدة القرار السياسي، ووحدة القيادة والسيطرة الأمنية على كافة أجهزة منظومة الامن والدفاع العاملة في العراق، وترك المسؤولية كاملة للحكومة الاتحادية في اتخاذ ما تراه مناسبا فيما يتعلق بقرار الحرب والسلام.
  • تحويل الازمة الإقليمية الى فرصة في تطوير العلاقات الخارجية، والنهوض بالواقع الاقتصادية والاجتماعي من خلال استراتيجية تنموية شاملة، تعالج كل الملفات التي تعيق تطبيقها، لاسيما ملفات: الفساد الإداري والمالي، ووجود القيادات غير المناسبة، وتفعيل دور سلطات انفاذ القانون، وتعزيز الشعور بالهوية الوطنية، ومنع التدخلات الخارجية بالشأن الداخلي العراقي.