بقلم: الأستاذ الدكتور خالد عليوي العرداوي.

تشرين الثاني -نوفمبر 2024

  • عدم ايمان الأحزاب السياسية – كلها او بعضها- بالديمقراطية، وتشكيكها بجدواها، واتخاذها أحيانا غطاءً للوصول الى السلطة، ومن ثم الانقلاب عليها وتصفية مظاهرها لمصلحة حكم دكتاتوري مستبد، كما هو الحال مع الحزب الوطني الألماني (النازي) سنة 1934 حيث استغل الديمقراطية للوصول الى السلطة، وبعدها شرع في تشكيل أبشع حكم فردي استبدادي عرفه القرن العشرين.
  • وجود أيدولوجيات حزبية متباعدة بشدة سواء الى اقصى اليمين ام الى اقصى اليسار، في ظل غياب شبه كامل للقيم المدنية التي تقرب فيما بينها، فالقيم في هذه الحال تلعب دور السمنت الذي يشد الأحزاب الى بعضها ويمنع تباعدها وتصارعها وتهديمها للبناء الديمقراطي، ومع وجود الأيديولوجيات المتباعدة وغياب القيم الرابطة تختفي التنافسية الإيجابية بين الأحزاب، وتحل محلها التصارعية السلبية، فتتجاهل الأحزاب دورها كفلاتر سياسية لتنقية وتطوير الأفكار والمواقف في الحياة السياسية لتتبنى دور المليشيات العسكرية التي يقاتل بعضها البعض طمعا بالسلطة والثروة والنفوذ.
  • ذوبان وتلاشي المصلحة العامة في الحياة الحزبية، وتغول المصالح الخاصة الفردية والفئوية والحزبية، وعندها لا يكون هدف الحزب السياسي تحقيق مصلحة وطنه ومواطنيه وانما تحقيق مصلحة حزبه ومناصريه، فتتراجع قيم النزاهة والأمانة والكفاءة والحوار وقبول الرأي الاخر وغيرها لتحل محلها قيم المحسوبية والانتهازية والولاء والتطرف وتسقيط الخصوم بمختلف الحجج…فيكون ثمن ذلك هو تدمير منظومة القيم الديمقراطية، وغياب الشعور بالمواطنة.
  • عدم احترام سيادة القانون، واتخاذه لعبة بيد الأحزاب المتنفذة توجهه وفقا لما تقتضيه مصالحها، فتصبح مقولة الناس سواسية امام القانون فكرة جوفاء غير قابلة للتطبيق الا على الفئات الهشة والضعيفة من المجتمع، وهذا الامر سيترك تأثيراته الخطيرة في اضعاف دور المؤسسات الدستورية، وفقدان ثقة الناس بها، وتجاهل احترام حقوقهم وحرياتهم.
  • تحول السلطة من اداة تطلبها الأحزاب لتطبيق برنامجها السياسي واثبات ارجحيته على غيره من البرامج الى هدف بحد ذاته، اذ يطمح كل حزب في السيطرة عليها لتوظيفها في تهميش او تصفية معارضيه، بصرف النظر عن الوسيلة، وهذه العقلية بحد ذاتها تدفع الأحزاب الى تجاهل دور صندوق الاقتراع في الوصول الى السلطة، وتستعيض عنه بمدفع الرشاش، مما يخلق الفوضى السياسية تارة، والانقلابات العسكرية الدموية تارة أخرى.

مشكلة الحياة الحزبية في العراق