الاستراتيجية الامريكية الجديدة في العراق

الاستراتيجية الامريكية الجديدة في العراق

تتفق اغلب الآراء بشأن الوضع العراقي , ان الاستراتيجية الامريكية في العراق بعد سقوط النظام السابق , لم تتمكن من رسم طريق لوضع العراقيين على واقع جديد يختلف عن زمن الحكم السابق, وعلى العكس فقد اتسمت هذه السياسة بما يلي:

أ‌-        اجتياح الساحة العراقية من قبل ما يسمى بالإرهاب الاسلامي الدولي , حتى باتت مدن ومحافظات ترضخ تحت سيطرة القوى الارهابية , خاصة في المناطق التي تسكنها أغلبية سنية .

ب‌-      مشاهد يومية دموية في بغداد ومناطق اخرى من العراق , بفعل العمليات الانتحارية والتفجيرات والعبوات الناسفة , التي وجدت لنفسها من ارض العراق ارضية خصبة للفتك بأرواح الابرياء صغاراً وكباراً .

ت‌-      تدهور اقتصادي رهيب في واقع الحياة المعيشية للعراقيين , نتيجة تدهور الخدمات وفقدان الكهرباء وغياب الحاجات الاساسية للحياة اليومية .

ث‌-      ضمور اركان الدولة , وغياب حضورها في تأمين الحاجات العامة للشعب .

ج‌-      ظهور مجموعات ارهابية واجرامية متخصصة بأعمال القتل والسلب والخطف والاغتصاب والسطو المسلح , من خلال ارتكاب جرائم منظمة وخطف مجموعات كبيرة من المواطنين  والعاملين في دوائر الدولة .

ح‌-      سيطرة المليشيات المسلحة التابعة للأطراف السياسية على السلطة , سواءً في الحكومة او في الامور الحياتية في الشارع العام , وفرض قوتها ودورها على اجهزة الشرطة والقوى العسكرية الحكومية لوزارتي الداخلية والدفاع .

خ‌-      انشغال القيادات السياسية , خاصة المتحكمة بالسلطة بالسيطرة على المال العام والموارد المالية والنفطية لأغراض شخصية وحزبية , من خلال التحكم بالمنشآت والانابيب ومؤسسات الصناعية النفطية في العراق .

د‌-       فقدان البرامج الحكومية لتأمين مستوى معين من المعيشة بالحد الادنى للعراقيين , فمواد البطاقة التموينية اصبحت تتلاشى ومحتويات السلة التموينية للعائلة العراقية بدأت تنكمش, نتيجة للعوز المادي .

ذ‌-       تبخر المساعدات والمعونات المالية الكبيرة التي اعلنت عنها السلطات الامريكية بعشرات ومئات المليارات من الدولارات , لأعمار العراق في مشاريع وهمية اشتركت شخصيات امريكية وعراقية ( عربية وكردية )على نهبها و اختلاسها .

ر‌-       انتشار الفساد الاداري بشكل رهيب , بحيث تقشعر لها النفوس , والتي جعلت من العراق ان يحتل موقع متقدم في القائمة السنوية لمنظمة الشفافية الدولية دون حياء  ودون خجل من بعض ارباب السياسة العراقية .

ازاء هذه الرؤية الميدانية لواقع الامور في حياة العراقيين , وأمام السنة الجديدة للأمريكيين لوضع استراتيجية جديدة للتعامل مع المعضلة العراقية بحالتها الراهنة ومنظورها المستقبلي , باعتقادنا الرؤية  الجديدة تتطلب وضع آليات محكمة ومناسبة نابعة في الواقعية والمسؤولية تجاه العراقيين , لطرح مبادرات جدية شاملة تأخذ في حسبانها معالجة القضايا الامنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الواقع العراقي , لمساعدة العراقيين بجميع قومياتها او اديانها ومذاهبها , في تأمين الامن والاستقرار وتأمين المتطلبات اليومية للمواطن العراقي .

خاتمة للمقالة نقول ربما تكون هذه المؤشرات والوقائع , ابرز معالم المشهد العراقي هذه الايام ,الامر الذي يطرح تساؤلات عدة عن طبيعة الحكم ومستوى تصديه لمثل هذا الواقع , أذن ماهي الاستراتيجية التي يمكنها ان تنتشل الوضع العراقي وتجعله على الطريق الصحيح … ثم ما مدى السيطرة على عوامل الانفلات  الامني واعمال العنف , هل هناك امكانات جدية لتحقيق استقرار نفسي واجتماعي وسياسي , على نحو حازم سيما وان التجربة والتصدي لحل هذه المشكلات قد رافقها الفشل في الاقل مع التعامل المبكر مع هذا الواقع وعبء التركة الثقيلة للنظام الديكتاتوري، هذه الامور بمجملها قد تضع علامة استفهام , على قدرة الدولة على العيش ككيان سياسي موحد , فينعم بالاستقرار سواء على الصعيد الداخلي ام الاقليمي ام الدولي .

الا انه من المؤكد ان العراقيين جميعهم يتطلعون بقوة الى ما يطمئنهم على مستقبلهم وامكانية النظر بإيجابية الى سياسة العهد  الجديد ومدى قدرة الحكومة وسرعتها في اجراء التطبيقات والتدابير  العاجلة , لأجل ارساء اسس وانظمة وقوانين تمهد للمظاهر التحولية  الحضارية الجديدة في جوانبها المختلفة , سواء في الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية ام في نطاق الخدمات العامة , وترتيب اولويات النهضة العراقية القادمة .

أ.م.د. حسن علي كاظم

رئيس فرع القانون الخاص/ كلية القانون