فكرة اللاعنف في الاسلام

فكرة اللاعنف في الاسلام

   اللاعنف هو سمة الانبياء والائمة الاطهار والعقلاء الذين يقدمون الاهم على المهم في شتى حيثيات حياتهم . ومن المعروف أن من أبرز صفات الرسول الاعظم أنه كان لاعنفاَ إلى أبعد حد , وقد دعا القرآن الكريم المسلمين قاطبة أن يدخلوا تحت ظل هذا القانون , فقال عز من قائل ( ادخلوا في السلم كافة)، ولا يخفى عليكم أن السلم اقوى وأكثر دلالة من اللاعنف .

وبالتأكيد فأن كل من يلتزم بقانون السلم واللاعنف  لا مندوحة له إلا وينتصر في الحياة , وأن استلزمت الظروف أن يحفظ نفسه ومبادئه عبر التكتم والتخفي أحياناَ , كما اختفى الامام الحجة ( عج)، أو أن يرفعه إلى السماء كما فعل بعيسى بن مريم (ع)، فأنه لو بقي لقتلوه وأحرقوه , ولكن الله تعالى حال دون ذلك فرفعه اليه , ونزل قول الله عن نيتهم هذه متسائلاَ ( فلم تقتلون أنبياء الله) . وقد تحفظ نفسه عبر الاعجاز وغيره كما حدث مع النبي موسى (ع) من بطش فرعون . والاعجاز الذي حدث مع الرسول ( ص)، الذي قلب كيان أمة تؤمن بعادات واعراف سميت بالجاهلية، وجعل لها منهجاَ جديداً غير الجميع وبدأ بتربية الفرد من ثم الاسرة والمجتمع ككل .

ومن المعروف ان منهج الرسول الكريم قد تعلم منه الكثير من الشخصيات البارزة في الوقت المعاصر أمثال ( غاندي ) و( مندلا) وغيرهم .الذي نريد قوله من هذه المقدمة بان البشر اليوم هم نفس البشر , وزماننا الراهن هو نفس الزمان بالنسبة الى ضرورة تطبيق القوانين الاسلامية , فاذا أردنا انهاض المسلمين وهداية غيرهم احتجنا الى نفس المنهج وهو اللاعنف الذي ورد في بعض الروايات نصاً وتارةً أخرى بلفظ السلم والرفق واللين ونحوهما.

ومن المعروف ان المجتمع الاسلامي منذ بداية التبليغ بالرسالة وهو يدعو للاعنف. اذ ظلت الشريعة الغراء اعوام طويلة والمجتمع الجاهلي يئن من ويلات العنف، وقاسى البطش الذي يصبه عليه المشركين ممن لم تعرف الرأفة والرحمة الى قلوبهم سبيلا. فقد كانت الحرب الضروس والغارات الدامية, هي الشغل الشاغل للناس آنذاك, فلا تكاد تنقضي فترة من الزمن تخلو من المناوشات والحروب الطاحنة, التي عادة ما كان يذهب ضحيتها المئات من الابرياء.

في مثل تلك الظروف الحالكة ومع تأزم اوضاع الناس جاء الاسلام ونادى بالأعنف في المجتمع، ودعا الى اللين في التعامل السلمي الاجتماعي, فكيف كانت دعوة الاسلام الى الأعنف في المجتمع….؟وماهي آثار هذه الدعوة….؟

v    مثلاً الآيات الشريفة التي وردت والداعية الى العفو وعدم رد الاساءة بمثلها , هي بنفس الوقت تدعو الى اللاعنف , ﴿ وان تعفوا اقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم ، ﴿ وليعفوا وليصفحوا الا تحبون أن يغفر الله لكم . والآيات هنا كثيرة .

1        هناك مصداق آخر للاعنف , وهو السلم، ﴿ يا ايها الذين أمنوا ادخلوا في السلم كافة ، ﴿ وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ، ﴿ واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً . والآيات هنا كثيرة .

v    هناك مصداق آخر للاعنف , وهو الصفح، وغض النظر عن اساءة الاخرين . ﴿ وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا فان الله غفور رحيم ، ﴿ فاعف عنهم واصفح ان الله يحب المحسنين ، ﴿ وان الساعة لأتية فأصفح الصفح الجميل .

v        مصاديق أخرى كثيرة عمل بها الاسلام كمنهج مثل :- 1- الرفق .2- الحلم . 3- كظم الغيظ .4- اللين .

v    نقطة مهمة أخرى وهي أن الاسلام حافظ على قدسية الاديان الاخرى . فبالإضافة الى الآيات المذكورة التي تنادي بالعفو والصفح الجميل والجنوح الى السلم والسلام , هناك آيات أخرى تدعو الى احترام عقائد الأخرين , حتى ولو كانت فاسدة وغير صحيحة , وهذا أنما يدل على حرص الاسلام على السماحة واللاعنف في سلوك المسلمين , حتى مقابل اصحاب العقائد الضالة , التي لا قداسة لها بنظر الاسلام , نعم من واجب المسلمين السعي لهدايتهم بالحكمة والموعظة الحسنة , كما قال تعالى ﴿ ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن أن ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين ﴾، كذلك يقول القرآن ﴿ لكم دينكم ولي دين في سورة الكافرون .

وفي آية أخرى يدعو القرآن المؤمنين الى عدم إيذاء الكافرين وإثارتهم عبر سب الهتهم فقال سبحانه ﴿ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير عِلم .

أ.م.د.  حسن علي كاظم