إصلاح الإدارة الحكومية والأهداف الإنمائية

يعترف إعلان الألفية بالإدارة الرشيدة للحكم، التي تعد الإدارة الحكومية أحد عناصرها الرئيسية، بوصفها وسيلة لتحقيق أهداف إعلانالألفية. ويرتبط الدعم المقدم لتحديث المؤسسات التابعة للدولة بتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية بعدة طرق:

أو لا: تحرير الكثير من الموارد في الدول الفقيرة من أجل استخدامها طبقا للأهداف الإنمائية للألفية و ذلك في حالة زيادة كفاءة الإدارةالحكومية.

ثانيَا: عن طريق زيادة الشفافية واستئصال الفساد، يقل توجيه الموارد النادرة للدول الفقيرة بعيدا عن تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.

ثالثَا: وجود إدارة حكومية تفي باحتياجات المواطنين، لا سيما النساء والفئات المهمشة، يعد أمرا أساسيا لضمان استمرارية هذهالإنجازات داخل نطاق الأهداف الإنمائية للألفية.

وأخيرَا: زيادة خضوع المؤسسات التابعة للدولة للمساءلة يعد ملمحا أساسيا للاستراتيجيات الحكومية من أجل سد الفجوة بالديمقراطية؛ومن ثم تعد أمرا جوهريا لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية داخل الإطار العام لإعلان الألفية.

أما المنهج القائم على الحقوق لتحقيق التنميةمع ظهور مفهوم إدارة الحكم في الآونة الأخيرة واقتران ممارسة الحريات الديمقراطية بالتنمية البشرية المستدامة، احتل دورالمؤسسات التابعة للدولة في تقديم الخدمات وحماية الحقوق والحريات مكانا بارزا بشكل أكبر في فكر التنمية. وربما يفسر ذلك أيضا،زيادة التركيز خلال العقد الماضي على مكافحة الفساد والشفافية.

ولم يكن تركيز البرنامج الإنمائي على الإدارة الحكومية مستلهما فحسب من الالتزام بالمنهج القائم على الحقوق لتحقيق التنمية، وإنماكان أيضا نابعا من ذلك الالتزام.

أولا: يعد الحق في التنمية من المفاهيم الأساسية لإعلان الألفية، وتعتبر الإدارة الرشيدة للحكم الضمانالأساسي لتحقيق هذا الحق.

ثانيَا: لا يمكن تحقيق العناصر الأساسية للمنهج القائم على حقوق الإنسان إلا بمساعدة إدارة حكومية فعالة ضمن هيئات أخرى. وفيمايلي هذه العناصر الأساسية:

• المشاركة والشفافية في عملية صنع القرا ر: تعد المشاركة في كل مراحل عملية التنمية حق، وتعتبر الدولة والأطراف الفاعلةالأخرى ملزمة بخلق بيئة مواتية لتحقيق مشاركة كل المنتفعين.

• عدم التمييز: يعد الإنصاف والمساواة في كافة الحقوق من المكونات الرئيسية لتحقيق التنمية والحد من الفقر.

• التمكين: ينبغي تمكين الناس من ممارسة حقوقهم الإنسانية من خلال استخدام أدوات مثل الإجراءات القانونية والسياسية.

• مساءلة الأطراف الفاعلة: ينبغي خضوع المؤسسات العامة والخاصة والأطراف الفاعلة للمساءلة أمام الناس، لا سيما الفقراءمنهم، وذلك من أجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها والوفاء بها، ويجب تحميل تلك الجهات المسؤولية إذا لم يتم إنفاذ هذهالحقوق.

وأخيرا، بما أن المنهج القائم على الحريات لا يسعى فقط لتنمية قدرات أصحاب الحقوق للمطالبة به اوممارستها، وإنما يسعى أيضالتنمية قدرات المكلفين بالواجبات لكي يفوا بالتزامات حقوق الإنسان، فإن ذلك يزيد من الضغط على الإدارة الحكومية بأن تضع الفقراءوالفئات المهمشة في بؤرة اهتمام الاستراتيجيات الخاصة بالسياسة والتنمية. نأخذ مثلا :

  •  العولمة:
  •  اللامركزية:

ركزت الضغوط الناتجة عن العولمة الاهتمام بشكل أكبر على القطاع العام. وعلى الرغم من أن العولمة من الممكن أن تساعد علىتوحيد الناس، إلا أنه ا أظهرت القدرة على تهميش الكثيرين منهم. وللتغلب على ذلك، فإن الأمر يتطلب وجود مناهج للإدارة الرشيدةللحكم تشمل الشفافية والمساءلة ومشاركة المنتفعين في المناقشات السياسية، بالإضافة إلى وجود حكومة تستغل كل مواردها بكفاءةلتساعد مواطنيها في مجال التنافس في السوق العالمية، وتقليل الفجوة بين أغني سكان العالم وأفقرهم. فالعولمة لا تؤدي فحسب إلىزيادة الحاجة إلى وجود جهات دولية وإقليمية قوية لإجراء الحوار، وعملية صنع القرار العالمية، وإنفاذ الاتفاقيات والقواعد الدولية،وإنما من شأنها أيضا أن تعزز الضغوط من أجل وجود حكومات قومية قوية مؤهلة لتحقيق الاندماج والتفاوض في بيئة عالمية، وقادرةعلى مواجهة القوى العالمية التي أهملت بعض مطالب الدول النامية، وبالأخص الدول الأقل تقدما، والتحديات التي تواجهها.

في كثير من الدول، يوفر أسلوب اللامركزية السياق الذي يتم فيه بحث الإجراءات التصحيحية لإصلاح الإدارة الحكومية. ومنالسلبيات الرئيسية للعديد من المبادرات الخاصة بتطبيق أسلوب اللامركزية، ضعف القدرة الإدارية للإدارة الحكومية على المستوياتالمحلية، وعدم إتاحة قنوات لمساءلة هذه الإدارة يستطيع الشعب اللجوء إليها. ولكي تنجح الحكومة اللامركزية لابد من وجود مركز يتيحلها ذلك، ومن ثم يجب تركيز الاهتمام، على سبيل المثال، على: آليات تحويل الأموال؛ آليات تهدف لضمان وضع الموازنات والخطط على المستوى المحلي مستلهمةمن الموازنات والخطط الموضوعة على المستوى القومي، وتكون جزءا من هذه الموازنات والخطط؛نظم للمتابعة والرقابة مرتبطة بالميزانية؛ نظم ملائمة للموارد البشرية.

أ.م.د. حسن علي كاظم

كلية القانون/ كربلاء