مقالة بعنوان الدعوى الحادثة بحاجة الى تحديث

 

                   

م/ الدعوى الحادثة بحاجة الى تحديث

الدعوى الحادثة / هي الدعوى التي تحدث أثناء نظر الدعوى الأصلية لوجود ترابط بينهما , والترابط ينعقد بأحد امور ثلاثة هي اما وحدة الموضوع او السبب او الخصوم , ويشترط فيها الا يكون القصد منها تأخير حسم الدعوى الأصلية وان الحكمة من تشريعها هو فض النزاع بين الخصوم بكل تفرعاته بدعوى واحدة , وهي أما أن يحدثها الخصوم او غيرهم:

أولا / الدعوى الحادثة من طرفي الدعوى(الخصوم) /

لقد نصت المادة 66 مرافعات على ( يجوز احداث دعوى جديدة عند نظر الدعوى , فان كانت من قبل المدعي كانت دعوى منضمة , وان كانت من قبل المدعى عليه كانت دعوى متقابلة ) ومن هذا النص يتضح ان الدعوى الحادثة من الخصوم هي اما منضمة او متقابلة :

  1. الدعوى الحادثة من المدعي (المنضمة) وهي على نوعيين اما متعلقة بالمدعى به او متعلقة بالمدعى عليه :

أ‌.     الدعوى المنظمة المتعلقة بالحق المدعى به / وفيها يتوسع نطاق الدعوى من حيث الموضوع وهي على ثلاثة أصناف م67 هي :

  1. تكون مكملة للدعوى الأصلية , مثاله المطالبة باجر المثل 10 سنوات وإقامة الدعوى ابتداءا بألفين دينار وقبل إفهام ختام المرافعة يقوم المدعي بإحداث دعوى منضمة للمطالبة باجر المثل المقدر من الخبراء.
  2. تكون مترتبة عليها , مثاله كالمطالبة بالفوائد في دعوى الدين
  3. تكون متصلة بها بصلة لا تقبل التجزئة , مثاله المطالبة بالتعويض في دعوى الفسخ.

ب‌.الدعوى المنظمة المتعلقة بالمدعى عليه م69-2 / وفيها يتوسع نطاق الدعوى من حيث أشخاصها  , وقد اعتبرها المشرع دعوى حادثة بموجب م70/1 مثاله إدخال كفيل المدين الى جانب المدعى عليه , ويكون الغرض من الإدخال هو لصيانة حقوق المدعي والمحافظة عليها في تحصيل حقه والتنفيذ على الاكثر وفرة من حيث المال سواء كان المدين ام الكفيل الضامن.

تنبيه : يجب التمييز بين نوعيين من الخصومة وهي :

أ‌.        المعدومة وهي الخصومة التي بموجبها ترد الدعوى حتما ,وسواء كان انعدامها من جهة المدعي كما لو أقام دعوى منع المعارضة ابن المالك مع حياة أبيه المالك  او من جهة المدعى عليه كما لو أقيمت دعوى  الدين على الشاهد الموقع على سند الدين .

ب‌.    الناقصة وهي الخصومة التي يجوز أكمالها , حيث يكون الإدخال وجوبي كما في دعوى إزالة الشيوع المقامة على بعض الشركاء حيث ان عدم اختصام جميع الشركاء يوجب رد دعوى الإزالة شكلا . 

 الدعوى الحادثة من المدعى عليهالمتقابلة ) م 68 وهي أيضا على نوعيين أما متعلقة بالمدعى به أو متعلقة بالمدعى عليه

 

    1.  

     

أ‌.     الدعوى المتقابلة المتعلقة بالمدعى به/ وفيها يتوسع نطاق الدعوى من جهة الموضوع , مثل اقام المدعي فسخ وتعويض وثبت ان طرفي الدعوى كل منهما اخل بالتزامه فيحق للمدعى عليه المطالبة بالتعويض وتجرى المقاصة من قبل المحكمة بين التعويضين . 

ب‌.الدعوى المتقابلة المتعلقة بالمدعى عليه م69-2/ وفيها يتوسع نطاق الدعوى من جهة شخوصها وقد اعتبرها المشرع دعوى حادثة بموجب م70/1, مثل دعوى دين المقامة على الوريث إضافة للتركة فيطلب هذا الأخير إدخال شقيقه الذي سدد الدين ويكون الغرض من الإدخال هو لصيانة حقوق المدعي عليه في عدم استيفاء الدائن لحقه مرتين .

تنبيه: يجب التمييز بين الدفع والدعوى المتقابلة :

أ‌.        الدفع الذي يرد الدعوى مباشرة . كالدفع بالوفاء في دعوى الدين ولا يدفع عنه رسم .

ب‌.    الدعوى المتقابلة التي قد تتضمن الحكم للمدعى عليه وقد لا تتضمن كالمقاصة حيث انها ترد دعوى المدعي من حيث النتيجة , ولا تنظرها المحكمة الا بعد دفع الرسم عنها.

الدعوى الحادثة سواء كانت المنضمة او المتقابلة لا يمكن تصور تعلقها بالمدعي , وبعبارة أوضح لا يجوز أجبار شخص على ان يكون مدعيا في الدعوى القائمة لان ذلك أنما يصح وفقا لقواعد التدخل لا قواعد الإدخال , وهذا الأمر وان لم يصرح به  المشرع الا انه ذهب اليه جل فقهاء القانون واستقر عليه القضاء العراقي  .

ثانيا / الدعوى الحادثة من غير طرفي الدعوى( الشخص الثالث) /

والشخص الثالث على نوعيين هما :

  1. الشخص الثالث غير الاستيضاحي /1

لقد نص وسط الفقرة (1) من المادة (70)  على (……. ويعتبر دخول الشخص الثالث او ادخاله دعوى حادثة ..) ويكون هذا الدخول  توسيع في نطاق الدعوى من حيث الشخوص والشخص الداخل على نوعيين :

                 أ‌-  الشخص الثالث ألاختصامي ( الهجومي) مثاله دعوى الأثاث المقامة من الزوجة على الزوج فتدخل ام الزوج للمطالبة ببعض الأثاث .

               ب‌-الشخص الثالث ألانضمامي وهذا الانضمام اما الى جانب :

  1. المدعي /مثاله دعوى اجر مثل يقيمها احد الشركاء على الغاصب فينظم اليه بقية الشركاء للمطالبة بأجر المثل.
  2. المدعى عليه/ مثاله دعوى الدين المقامة على احد المدينين المتضامنين فينظم اليه المدين الأخر المسدد.
  3. الشخص الثالث الاستيضاحي /2

قد بين المشرع في الفقرة 4 من المادة (69) بان ( للمحكمة ان تدعوا أي شخص للاستيضاح منه عما يلزم لحسم الدعوى) وان هذا الإدخال لا يعد دعوى حادثة وذلك للأسباب الآتية :

أ‌.        ان الدعوى هي مطالبة شخص بحقه أمام القضاء , والشخص الثالث الاستيضاحي لم يطلب الدخول في الدعوى كما انه لم يطالب بأي حق .

ب‌.    ان الدعوى الحادثة لا تقام الا بعد دفع الرسم , والشخص الثالث الاستيضاحي لا يدفع أي رسم .

ت‌.    الخصم في الدعوى يحكم له او عليه  , والشخص الثالث الاستيضاحي لا يحكم لا له ولا عليه .

فيكون اعتبار المشرع بان الاستيضاح من الشخص الثالث هو دعوى حادثه بموجب م69/3 و4 هو اعتبار مسامحي , بل هو ملحق بالحان الطيور .

كيفية أحداث  الدعوى الحادثة م70 :

تقدم الدعوى الحادثة الى ما قبل ختام المرافعة بعريضة معنونه الى المحكمة المختصة او بإبدائها شفاها بالجلسة استنادا لمنطوق الفقرة (1) من المادة (70) مرافعات وهذا يعني ان مقدم الدعوى الحادثة مخير بين تقديمها تحريريا او تقديمها شفويا بالمرافعة , ولكن هذا التخيير مختص بالدعوى الحادثة المقدمة من طرفي الدعوى(الخصوم) . 

اما الدعوى الحادثة المقدمة من الاغيار (الشخص الثالث) فلا بد من تقديمها تحريريا اذا ليس للغير صفة في الحضور في الدعوى وتثبيت أقواله , وبعبارة أوضح ان التخيير الذي جاء به المشرع في كيفية أحداث الدعوى الحادثة هو مختص بالخصوم واما غيرهم فيتعين عليهم أحداث دعاواهم بطلبات تحريرية كونها الأصل في اللجوء للقضاء والمطالبة بالحقوق استنادا لمنطوق المادة (2) من قانون المرافعات  .

وبعد تقديم الدعوى الحادثة الى المحكمة المختصة وسماع اقوال ذو الشأن بخصوصها فإما ان تقبلها وتفصل فيها مع الدعوى الأصلية او ترفضها :

أولا / قبول الدعوى الحادثة والفصل فيها :

 اذا قبلت المحكمة الدعوى الحادثة سواءا أحداثها الخصوم  او الشخص الثالث  فيجب على مقدمها دفع الرسم القانوني عنها وتبليغ الخصم الغائب , ثم تقوم المحكمة بالفصل في الدعوى الحادثة والدعوى الأصلية معا .

واما ما بينه المشرع  في ف2 من م72 (( اذا تعذر على المحكمة الحكم في الدعويين معا وكان الحكم في الدعوى الأصلية متوقفا على الحكم في الدعوى الحادثة تفصل اولا في الدعوى الحادثة ثم تنظر بعد ذلك في الدعوى الأصلية )) , فان هذه الفقرة لا محل لها من الإعراب , بل هي بديهية البطلان أي ان مجرد تصورها كافي للتصديق ببطلانها , وذلك لان الدعوى الحادثة هي متعلقة بالدعوى الأصلية المنظورة وتحمل ذات عددها وان معنى الفصل هو إصدار الحكم , وان الدعوى الحادثة والدعوى الأصلية هما بحكم الدعوى الواحدة والدعوى الواحدة يصدر فيها حكم واحد لا حكمين ,بل ان صدور حكمين فيهما يتنافى مع الحكمة من تشريع الدعوى الحادثة وهو فض النزاع بكل تفرعاته في دعوى واحدة والتي يصدر فيها جزما حكم  واحد.

وان هذه المادة من شدة وضوح بطلانها فأن اغلب من علق عليها بالشرح – بحسب استقرائي المحدود- لم يلتفت الى بطلانها انظر على سبيل المثال لا الحصر كتاب شرح قانون المرافعات المدنية للقاضي مدحت المحمود ص119 , وكتاب دراسات في قانون المرافعات المدنية  للقاضي رحيم العكيلي ص286 .

ودعوى ان المشرع قصد من لفظ الفصل هو أجراء التحقيق أولا في الدعوى الأصلية ثم أجراء التحقيق في الدعوى الحادثة  ثم تقوم بإصدار حكم واحد فيها !!!, فأن هذه الدعوى هي من نسيج الخيال ولا واقع موضوعي لها , وذلك لان لفظ الفصل حقيقة في إصدار الحكم وان استعماله في أجراء التحقيق يكون استعمال مجازي والاستعمال المجازي يحتاج الى قرينة تصرف اللفظ عن معناه الحقيقي الى المعنى المجازي وحيث ان المشرع لم ينصب أي قرينة حالية او مقاليه فيكون مراده من الفصل هو وإصدار الحكم .

 وقد ذهب بعض الفقهاء الى ان الدعوى الحادثة تابعة للدعوى الأصلية في الحكم سلبا او إيجابا بمعنى ان المحكمة اذا ردت الدعوى الأصلية ردت الدعوى الحادثة كونها تابعة لها واذا حكمت للدعوى الأصلية حكمت للدعوى الحادثة , وذلك بسبب قوة الارتباط الحاصل بينهما , ولكن هذا المذهب يأباه  كل ذا عقل سليم وذلك لان لكل دعوى أركان وأدلة أثبات فان نهضت فيها حكمت لها المحكمة والا ردتها سواء كانت هذه الدعوى أصلية او حادثة ولا توجد أي تبعية بين الدعوى الحادثة والدعوى الأصلية بهذا المعنى أي معنى الحكم .

ثانيا / رفض الدعوى الحادثة والطعن فيه  :

اذا رأت المحكمة المختصة ان الدعوى الحادثة المقدم من قبل طرفي الدعوى لا صلة لها بموضوع الدعوى ولا مترتبة عليه ولا مكملة لها , او كانت الدعوى الحادثة المقدمة من الغير(الشخص الثالث) لا تستند الى مصلحة جدية بل كان القصد منها هو تأخير حسم الدعوى الأصلية قررت رفضها.

كيفية الطعن بقرار رفض الدعوى الحادثة/

  1. وفقا لقانون المرافعات المدنية / حيث انه سكت عن ذلك ولم يرسم طريقا للطعن بهذا القرار , واما القضاء العراقي فقد استقر على ان قرار رفض الدعوى الحادثة هو قرار إعدادي وغير فاصل في موضوع الدعوى مما يلزم الطعن فيه عند الطعن بالحكم الصادر من المحكمة المختصة سواء كان طريق الطعن هو الاستئناف ام التمييز انظر على سبيل المثال لا الحصر القرار التمييزي المرقم 188 في 6/7/2010 الذي ورد فيه ( رفض قبول الشخص الثالث في الدعوى لا يكون من القضاء الولائي الذي يقبل التظلم منه وانما يطعن فيه تمييزا مع الحكم الحاسم في الدعوى ) والمنشور على موقع السلطة القضائية . الا ان هذا الاستقرار غير صحيح ولا يمكن قبوله باي حال من الأحوال لما فيه من مخالفة صريحة لنصوص القانون .

والصواب  هو التمييز بين الدعوى الحادثة من الخصوم  وبين الدعوى الحادثة من الاغيار :

                          أ‌-       رفض الدعوى الحادثة المقدمة من الخصوم / فيجوز فيه اعتماد استقرار القضاء باعتبار ان طرف الدعوى يحق له الطعن بالحكم بكافة طرق الطعن بالأحكام التي بينها المشرع في القانون التي منها الاستئناف والتمييز.

                        ب‌-     رفض الدعوى الحادثة المقدمة من الغير / لقد بين المشرع في ذيل المادة (71) مرافعات (… اذا رأت المحكمة ان التدخل … لا يستند الى مصلحة جدية ولم يقصد به الا تأخير الدعوى تقرر رفض قبول الشخص الثالث وتمضي في السير في الدعوى ) حيث لا يجوز في هذا الرفض اعتماد استقرار القضاء لان الشخص الثالث ليس طرفا في الدعوى الأصلية وان طرق الطعن في الدعوى الأصلية مختصة بالخصوم استنادا للمواد (185) و(203) التي تبدأ بكلمة ( للخصوم…) أي للخصوم ان يطعنوا استئنافا او للخصوم ان يطعنوا تمييزا , بل يكون لغير الخصوم احد الخيارين الآتيين هما :

    1. التظلم من الأمر ألولائي برفض الدعوى الحادثة المقدمة تحريريا استنادا للمادة (151) مرافعات باعتباره من الأوامر على العرائض ومن ثم التمييز استنادا م216/1 مرافعات , لان الدعوى الحادثة في هذه الصورة حالها كحال الدعوى المقامة ابتداءاً عند رفض تحويلها للرسم تحريراً , وعند نظر المحكمة للتظلم فان وجدت المتظلم محق في تظلمه قررت الغاء أمرها ألولائي وقبول دخوله شخص ثالث في الدعوى وربط التظلم مع الدعوى وتكليفه بتسديد الرسم القانوني عن الدخول , وان وجدت المحكمة عدم أحقية المتظلم في تظلمه قررت رد التظلم , فاذا طعن في هذا القرار تمييزا فان نتيجة التمييز اما ان تكون التصديق ولا مجال حينها للدخول في الدعوى , واما ان تكون النتيجة هي النقض وهنا توجد حالتين هي :

                                                              أ‌-          ان تكون الدعوى لا زالت قيد المرافعات / فتقرر المحكمة اتباع القرار التمييزي والغاء أمرها ألولائي وتقبل دخول الشخص الثالث في الدعوى وتربط التظلم مع الدعوى وتكلفة بتسديد الرسم القانوني عن دخوله في الدعوى لجواز قبول الدعوى الحادثة الى ما قبل ختام المرافعة بموجب م70/1 مرافعات .

                                                            ب‌-        ان تكون الدعوى قد صدر فيها حكما / فتقرر المحكمة  الإصرار على قرارها السابق لاستحال قبول دخول شخص ثالث في دعوى قد صدر حكم فيها , ويتعين على المتظلم سلوك الطريق الثاني وهو اعتراض الغير .

    التمييز الطعن بطريق اعتراض الغير بعد صدور حكم في الدعوى الأصلية بشرط مساس الحكم بمصلحة المعترض .

  1. وفقا للقوانين الأخرى / حيث ان النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا جعل قرار رفض الدعوى الحادثة المتعلقة بعدم دستورية التشريع قابلا للتمييز أمام المحكمة الاتحادية العليا استنادا للمادة (4) من نظام المحكمة الاتحادية العليا , وان الغاية من جعل تمييز هذا القرار اما المحكمة الاتحادية العليا لا امام محكمة التمييز هو إناطة تدقيق هذا القرار الى الجهة المختصة بالفصل في أصل الدعوى وهي المحكمة الاتحادية العليا ,مضافا الى ان اصطلاح الدعوى الحادثة على الدعوى المتعلقة بعدم دستورية التشريع هو اصطلاح مجازي لا حقيقي لان الفصل في الدعوى الحادثة يكون من اختصاص المحكمة الاتحادية العليا لا من محكمة الموضوع في حين ان الغاية من تشريع الدعوى الحادثة هو ان تفصل محكمة الموضوع في الدعوى الاصلية والحادثة بحكم واحد .

المحامي

محمد هاشم ألمنكوشي

رئيس اللجنة القانونية

 

مع فائق التقدير