تعدد الجنسية
المفهوم – الاسباب
ان تعدد الجنسيات يتعارض مع المفاهيم المثالية التي ينشدها القانون الدولي وقد لايقف الامرعند هذا الحد بل قد يصطدم أي التعدد و الازدواج مع الأخلاق الدولية الذي يعرف بالفرنسية La moral International) )وفي الانجليزية (International moral) ، توصف الجنسية بأنها ترجمة للحب الذي يكنه الفرد تجاه وطنه لا بل اكثر من ذلك انها جزء لايتجزأ من الوجود القانوني للفرد وهذا الجزء هو روحي لا مادي غير ان ما يناقض هذا الالتصاق الروحي هو ان يكون موزعاً او منقسماً اذ ان حب الاوطان والالتصاق بها لايقبل توزعاً او انقساماً كما لايمكن ان يكون للمرء اثنتين من الأمهات و لايمكن أن يكون له من الأوطان اثنين ذلك لان حب الاوطان والالتصاق بها يدخل في شغاف القلب ويقول تعالى وقوله الفصل (ماجعل الله لرجل من قلبين في جوفه) (4) سورة الأحزاب .
يعرف تعدد الجنسية بأنه ثبوت جنسيتان أو أكثر للفرد الواحد في ذات الوقت وفقاً لقوانين الجنسية السارية في دولتين أو أكثر متمتعاً بجنسيات تلك الدول جميعها في وقت واحد وغالبا ما يكون التعدد ثنائياً وهو ما يعبر عنه بازدواج الجنسية ومع ذلك يمكن ان يتمتع الشخص في وقت واحد بثلاث جنسيات او اكثر وهذا دون ادنى شك يتنافي مع الفكرة الاجتماعية في الجنسية التي تقتضي اندماج الفرد في الجماعة الوطنية للدولة اذ لايمكن لنا ان نتصور اندماج الفرد في الجماعة الوطنية لاكثر من دولة واحدة في وقت واحد مهما حشدت له من المغريات والمزايا . غير ان التساؤل الابرز في هذا المجال هو ماهي الاسباب التي تؤدي الى ازدواج وتعدد الجنسية
نقول ان من ابرز أسباب تعدد او ازدواج الجنسية هو ما سمحت به هذه القوانين لهذا التعدد وهي تتعامل مع الامر الواقع الذي فرض على الكثير من الوطنيين ترك بلدانهم تحت أسباب شتى منها سياسية – اقتصادية – اجتماعية – دينية وغيرها ورغبة المشرع في عدم قطع صلة الوصل بين المغتربين والمهجرين وبين وطنهم الاصلي ،كما ان اختلاف الدول في التعامل مع الوافدين اليها من الاجانب بحسب اوضاعها الاقتصادية والاحتماعية من جهة وكونها جاذبة للمهاجرين او طاردة لهم كل هذا ادى الى خلق اسباب عديدة للتعدد تتنوع وتختلف وقد يكون هذا التعدد
من لحظة الميلاد بسبب تباين التشريعات في مختلف الدول في اسس اضفاء جنسيتها او بعبارة اخرى اختلاف المعايير التي تقوم عليها الجنسية من دولة لأخرى كما تتباين في اساليب التطبيق رغم اتحادها في اسس او معايير جنسيتها الاصلية كأن تاخذ الدولة (أ) بحق الدم المنحدر من ناحية الاب كما في التشريع الكويتي والتشريعين العراقي والمصري سابقاً بينما تعتد الدولة (ب) بحق الأم من جهة مثل مصر حسب تعديل عام (2004) والعراق في القانون النافذ بالرغم من وحدة المعيار الذي تبنى عليه الجنسية الأصلية في كلتا الدولتين وهو رابطة الدم إلا إن الاختلاف بينهما من جهة الطرف الذي يتعين ان يرتبط به المولود بتلك الرابطة ويترتب هذا الوضع ان يثبت لهذا المولود جنسيتين إحداهما على أساس حق الدم من جهة الأب والأخرى أساسها حق الدم من جهة الأم فقد عرًف الدستور العراقي في م/18/ثانيا بأنه “كل من ولد لأب عراقي او أم عراقية” وقد بدأ تأثر قانون الجنسية رقم (26) لسنة 2006 واضحاً جداً بالنص الدستوري المتقدم في المادة (3) واعتبر من يولد لأب أو لام عراقيين يكون عراقي الجنسية بناءاً على حق الدم المنحدر من احدهما وبهذا يكون النص قد أسس لمبدأ التعدد أو الازدواج .
و قد يحدث التعدد في وقت لاحق على الميلاد أيضا لاختلاف أسباب أو معايير اكتساب الجنسية من دولة لأخرى وكذلك اختلاف الدول في الأسباب التي تبرر فقد الجنسية وعلى ذلك يصير الفرد متعدد الجنسية في كل الحالات التي يكتسب منها جنسية دولة أجنبية دون أن يفقد جنسيته الأولى وكذلك يكون عندما تدخل زوجة هذا الشخص في جنسيته الأصلية الجديدة وأولاده القاصرين مع احتفاظهم في الوقت نفسه بجنسيتهم الأصلية لاحتفاظ الأسرة بها تلك الحالة التي تبرر مبدأ تعدد الجنسية في العائلة .
كما يحدث التعدد في الحالات التي تمنح فيها الجنسية لبعض الأفراد أو اعترافها بمكانتهم الخاصة كما اذا كانوا قد قدموا خدمة جليلة للدولة مانحة الجنسية .
واخيرا ان مجرد زواج الوطنية من أجنبي في الحالة التي يكون قانون زوجها يدخلها في جنسية دون ان يؤدي ذلك الى فقدها جنسيتها ولايفقدها قانونها جنسيتها الاصلية
ونبين في مقال لاحق مساويء الازدواج والتعدد وكيفية معالجته من جهة وماهي الحقوق المدنية والسياسية لمتعددي الجنسية من جهة ثانية ان شاء الله تعالى .